رمز الخبر: 34
سلسلة أبحاث ينشرها مركز وثائق الثورة الإسلامية...
فبينما كانت مسيرة الأربعين الحسيني مستمرة في مختلف الفترات التاريخية، أقيمت في عصر مرجعية الشيخ مرتضى الأنصاري بكل عظمة لكن بعده أصبحت تلك الأعمال في خبر كان، والبعض اعتبرها مراسم تختص بطبقة الفقراء والمحتاجين، لكن قام محدث نوري وهو من الشخصيات البارزة وعلماء الشيعة في القرن الرابع عشر للهجرة، بإحيائها وشدد على مكانتها.
2015 December 05 - 11:31 : تأريخ النشر

الموقع البحثي لمركز وثائق الثورة الإسلامية؛ بعد دخول الجموع الغفيرة من الزوار الإيرانيين إلى مدينة النجف وكربلاء تقام مسيرة الأربعين الحسيني بعظمة تامة رغم انها تواجه تهديدات أمنية. هذا ووفقا للتقارير الرسمي صادرة عن مصادر مطلعة، وبينما لم يبق إلا يوم واحد لإقامة مراسيم أربعين الحسيني، دخل ما يزيد على مليون زائر إيراني وانضموا إلى الجموع الغفيرة من العراقيين وغير العراقيين في كربلاء والنجف الاشرف، ان الجموع هذه التي بلغ عددها كل عام إلى ملايين من المشاركين، ووفقا لإعلان المسئولين العراقيين ان عدد الزوار عام 1392 وصل إلى ما يقارب 15 مليون وفي عام 1393 أي بعد عام وصل إلى 20 مليون زائر.
ان هذه المراسيم قد أقيمت في مختلف الفترات التاريخية وحتى أقيمت في عهد الدكتاتور صدام حسين سرا، ووفقا لرواية نقلها الشيخ الطوسي عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام، بان إقامة هذه المراسيم تعتبر من علامات المؤمن وكان جابر بن عبد الله الأنصاري الصحابي الشريف للنبي الأكرم (ص) كان اول من زار قبر الإمام الحسين عليه السلام المطهر وان من قام بمسيرة الأربعين الحسيني.
ان مسيرة الأربعين كانت منذ قديم الزمن محل تأييد وتأكيد علماء وفقهاء الشيعة وقد شارك اغلبهم في هذه المراسيم، وفي هذا الإطار قال سماحة آية الله الخامنئي قائد الثورة الإسلامية المعظم، ووفقا للمعتاد في السنوات المنصرمة (الاثنين 9 آذر 1394) في جلسة خارج الفقه، بان ظاهرة مسيرة الأربعين اللا مثيل لها والعظيمة التي تحمل الكثير من المعاني والمدلولات تعد حسنة خالدة وقال: ان تركيب العشق والإيمان والعقل والعاطفة يعد من السمات الفريدة بنوعها في مدرسة أهل البيت عليهم السلام وان الحركة الشعبية المتسمة بالإيمان والعشق من مختلف بلدان العالم في هذه الظاهرة الفريدة بنوعها تعد بلا شك من الشعائر الإلهية.
ان سماحة آية الله الخامنئي أشار إلى عظمة الشعب العراقي ومحبته في استضافة زوار الأربعين وأوصى الذين كان التواجد في هذه الحركة العظمية الحاملة للكثير من الدلالات بان اغتنموا هذه الفرصة، وأضاف: اننا نتمنى بان نكون مع زوار الأربعين ونحن بعيدون عنهم.

تاريخ بداية مسيرة أربعين الحسيني


ان تاريخ بداية مسيرة أربعين الحسيني يعود إلى عام 61 للهجرة وتاريخ حادثة كربلاء ووفقا لرواية العلماء والمؤرخين فان العشرين من صفر عام 61 للهجرة القمرية كان يصادف مضي أربعين يوما على مقتل الحسين بن علي عليه السلام وهو اليوم الذي وضع رأس الإمام الحسين المقدس عند رجوع أسراء كربلاء في العشرين من صفر إلى جسده المطهر، ودفن مع جسده، على هذا ومن منظار الكثير من أصحاب الرأي والمؤرخين من الشيعة والسنة، فان أساس تكريم مثل هذه المناسبة هو دخول أهل البيت إلى كربلاء في اول أربعين الحسيني عام 61 للهجرة ودفن رؤوس الشهداء المطهرين وخاصة رأس الإمام الحسين عليه السلام المقدس إلى جانب الجثامين الأخرى.
وفقا للمصادر التاريخية فان جابر بن عبد الله كان اول زائر لكربلاء المعلى وانه اتجه عام 61 للهجرة من المدينة إلى كربلاء وان ما قام به جابر بن عبد الله هو محل تأكيد سماحة قائد الثورة الإسلامية في مراسم اول فروردين عام 1385 وأيده سماحته، بالقول ان بداية الجاذبة المغناطيسية الحسينية هي يوم أربعين الحسيني وان جابر بن عبد الله سافر من المدينة واتجه إلى كربلاء، وإنها المغناطيسية التي توجد في قلبي وقلوبكم في يومنا هذا بعد مرور قرون مستمرة.
طوال التاريخ ان علماء الشيعة لعبوا دوار كبيرا في توجيه وتشجيع عشاق الحسين عليه السلام إلى القيام بالمسيرة وزيارة الأربعين، والى جانب الإرشاد انهم قد شاركوا في المراسم، ان علماء مثل الشيخ الأنصاري وقاضي الطباطبائي وملكي تبريزي وبهجت ومكارم شيرازي وشبيري زنجاني ووحيد خراساني وجوادي آملي تحدثوا عن أهمية إقامة هذه المراسم بكل عظمة وأوصوا الشيعة في المشاركة بها، إذ منذ سابق الزمن حتى يومنا هذا شارك علماء الشيعة الكبار إلى جانب الناس في مراسيم المسيرة وزيارة الأربعين.
ان الرغبة والشوق إلى إقامة هذه المراسيم المعنوية في صفوف مراجع التقليد والأساتذة والطلاب وعلماء الدين، في الحوزة العلمية في النجف كان لها طابع آخر وان أغلبية الأساتذة وحتى مراجع التقليد منذ سابق الزمن إلى يومنا هذا قد شاركوا في مراسيم مسيرة الأربعين وزيارة الأربعين على هذا يشكل إلقاء نظرة على مشاركة العلماء والشخصيات التاريخية في هذه المراسيم موضوعا لمقالنا هذا.

الشيخ ميرزا حسين نوري


ان الكثير يعتبر الشيخ ميرزا حسين نوري المحيي لمراسيم مسيرة الأربعين الحسيني في التاريخ المعاصر، ان حسين محدث النوري ابن محمد تقي محدث النوري المازندراني مؤلف كتاب مستدرك الوسائل ومن ابرز علماء الشيعة في القرن الرابع عشر للهجرة، قد شارك في المسيرة يدعي الكثيرون بان هذه المراسيم بعد هذا العالم الفذ أصبحت في خبر كان حتى تم إحياءها على يد الشيخ ميرزا حسين نوري ثانية، ان هذا العالم الكبير ولأول مرة في عيد الأضحى قام بالسير على الأقدام من النجف حتى كربلاء وكان يمشي لثلاثة أيام وكان برفقته ما يقارب 30 شخصا، من الأصدقاء والرفاق، ووفقا للكتابات التاريخية فان الشيخ كان يقوم بهذه الأعمال والمسيرة سنويا على وجه التقريب وكان يولي أهمية خاصة لهذه المراسيم، انه توجه إلى زيارة حرم أبي عبد الله الحسين عليه السلام، آخر مرة عام 1319 سيرا على الأقدام.
يقال بان مراسيم السير على الأقدام أقيمت في عصر مرجعية الشيخ مرتضى الأنصاري (1214-1298) بكل عظمة، وبينما بعد عصره لم يعد هذا العمل بالعمل العظيم بل عد عملا لا أهمية له وخاص بطبقة الفقراء والمحتاجين، لكن نشر ميرزا حسين نوري هذه المراسم في صفوف الناس، ان الشيخ آقا بزرك طهراني الذي شاهد بأم أعينه مساعي أستاذه يقول ان أستاذنا عندما شاهد الأوضاع قام بعمل يرضي الله وهو السير على الأقدام، في السنوات التالية ان رغبة الناس والصالحين بهذا العمل قد زادت ولم تعد من قبيل الخزي والعار إذ وفي بعض السنوات كانت تصل عدد الخيام المنصوبة إلى 30 خيمة وكان يسكن كل منها 20 إلى 30 شخصا، وعلى هذا تم نشر هذه السنة الحسنة ثانية وازدهرت.

ميرزا جواد آقا ملكي تبريزي


من خلال الخطوة الكبرى التي قام بها ميرزا حسين نوري، أقيمت مسيرة الأربعين مرة أخرى، ومنذ ذلك الحين سافر الكثير من عشاق أهل البيت والإمام الحسين عليه السلام وكذلك العلماء وحتى مراجع التقليد سيرا على الأقدام، وان ميرزا جواد آقا ملكي تبريزي سافر إلى كربلاء وهو من مراجع عالم التشيع الكبار وكرارا ومرارا سيرا على الأقدام إلى النجف وكربلاء. انه فيما يتعلق بإقامة يوم أربعين الحسيني يقول: على كل يجب على المراقب ان يجعل العشرين من صفر أي الأربعين يوم حزن ومأتم وان يزور الإمام الشهيد في مزاره حتى لو قام بهذا مرة واحدة في عمره: كما جاء في الحديث الشريف بان علامات المؤمن خمسة أمور: 51 ركعة صلاة يوميا وزيارة الأربعين ووضع الخاتم في اليد اليمين ووضع الجبهة على الأرض وقول بسم الله الرحمن الرحيم في الصلوات.

السيد محسن أمين العاملي رحمه الله


ان سيد محسن أمين العاملي رحمه الله مؤلف كتاب أعيان الشيعة الشهير كان من الكبار الذين حضروا في هذه المراسم ويقول في ذكرى له حول هذه المراسم كتبه:
انني كنت في النجف لفترة استمرت عشرة سنوات ونصف وقمت بالزيارات الخاصة بعاشوراء وعيد الأضحى والغدير وعرفة والأربعين دائما إلا ما قل وندر قبيل السفر كنت اذهب إلى من يطلبونني مالا واطلب منهم الحل، وكنت ارغب في السير على الأقدام في الزيارة، كان الأمر بداية صعبا لي وفيما بعد أصبح سهلا من خلال الممارسة، في هذه المسيرة انضم لي عدد من طلاب جبل عامل والنجف وآخرين وقاموا بإتباعي واني كنت اذهب إلى زيارة كربلاء والإمام الحسين عليه السلام.
الشيخ محمد حسين غروي
ان الشيخ محمد حسين غروي هو ابن الحاج محمد حسن ولد في محرم عام 1296 في نخجوان، ان غروي رحمه الله الذي عرف بكمباني وبسبب تواجده في النجف الاشرف وتربية طلاب كثيرين في حوزة العلوم الدينية وتواجد بشكل خاص في مسيرة الأربعين وقد قام بهذه المراسم عدة مرات .
آية الله العظمى ميرزا محمد حسين نائيني
ان آية الله العظمى ميرزا محمد حسين نائيني غروي الشهير بعلامة أميني وميرزا نائيني ولد عام 1277 للهجرة القمرية في مدينة نائين التابعة لمدينة أصفهان، انه اتجه عام 1303 لمواصلة الدراسة واجتياز المراحل العلمية العالية إلى العتبات العاليات، وفي هذه الفترة شارك في مسيرة الأربعين وفقا لما نقله عنه طلابه .

آية الله ملكوتي


ان آية الله ملكوتي رحمه الله وهو من كبار العلماء والمشاركين في هذه المراسم، يقول عن هذا الأمر: كان لي النصيب في المشاركة في المراسم عدة مرات، والمشاركة في هذه المراسم المعنوية  وأغلبية الطلاب قد تشرفوا بالزيارة بين طريق النجف وكربلاء الذي يقارب 12 فرسخا يستمر السير على الأقدام يومين أو ثلاثة أيام، وان البعض مثل السيد الشيخ هادي زابلي الذي تلقى دروسه على يدي وتلمذ عندي كان له ذوق خاص، وانه اجتاز هذه المسافة يوما واحدا وعاد يوما واحدا وان البعض بعد انتهاء المراسم اتجه من كربلاء إلى الكاظمين وسامراء والبعض توجه مباشرة إلى النجف الاشرف .

آية الله الشاهرودي


بين مراجع التقليد قد شارك آية الله العظمى سيد محمود شاهرودي في المراسم من خلا تأسيس القافلة ومن المعروف بان هذا المرجع الكبير توجه إلى زيارة الإمام الحسين عليه السلام سيرا على الأقدام .

الشهيد آية الله مدني


ان شهيد المحراب آية الله سيد أسد الله مدني من أساتذة حوزة النجف الكبار والشهيرين كان من عشاق مراسم السير على الأقدام من النجف إلى كربلاء وزيارة حرم أبي عبد الله الحسين عليه السلام وأصحابه وخاصة في يوم الأربعين، ان العلماء وأساتذة الحوزة العلمية في النجف لديه ذكريات جيدة من هذا الشهيد في هذه المراسم المعنوية العظيمة .

الحاج آقا مصطفي الخميني قدس سره


ان آية الله الحاج مصطفى الخميني كان من علماء وأساتذة النجف الذي كان يشارك في مراسم مسيرة الأربعين مشاركة مستمرة وان حضوره في هذه المراسم كان يبلغ درجة حيث قد بقت ذكريات كثيرة من حضوره على يد العلماء وأصحابه، ان السيد حجة الإسلام والمسلمين سيد تقي درجه أي قال في ذكرياته حول الحاج مصطفى الخميني رحمه الله :
انني توجهت عدة مرات برفقة آية الله الحاج السيد مصطفى الخميني من النجف إلى كربلاء سيرا على الأقدام، في هذه الزيارات كان يشارك أصدقاء مثل إسلامي وعليان وإحساني وكياني وحليمي كاشاني والسيد مجتبى قائمي والسيد حاج آقا نصر الله  شاه آبادي والسيد رضواني الذي كان إمام جماعة مسجد الحاج سيد عزيز الله، ان السيد مصطفى كان يسير حافيا دون ارتداء الجوراب، وكان يطلب من كل من بإمكانه ان ينشد ان يقوم بهذا العمل وينشد أشعارا حول مكانة الإمام الحسين عليه السلام وعظمته، وبعد سماع هذه الأشعار كانت أحواله تنقلب ويتأثر إذ كان يبكي بكاء شديدا، وكان الحاج السيد مصطفى الخميني يحمل ديوان الشيخ محمد حسين غروي أصفهاني، وعندما كنا نمر من جانب نهر دجلة والفرات وبالقرب من كربلاء كان يناديني كي اقرأ جانبا منه وما ان أبدا بالقراءة كان يجهش بالبكاء وطوال الطريق الطويل كان يترنم وكان يبكي الأصدقاء وخاصة الحاج السيد مصطفى، وفجأة كان ينظر إلى القبة المطهرة للإمام الحسين عليه السلام وبعد هذا كان صوت البكاء يرتفع من الجمع .

العلامة الاميني


انه من الشخصيات البارزة في الحوزة العلمية في النجف الاشرف الذي كان يشارك في مسيرة الأربعين باستمرار، ان العلامة الميني هو مؤلف كتاب الغدير الثمين وفي تلك الرحلات كان يرافقه عدد من عشاق الإمام الحسين عليه السلام.
الإمام موسى قائد شيعة لبنان تم اختطافه في شهريور عام 1357 على يد الصهاينة واختفى وكان أحد عشاق مراسم مسيرة الأقدام من النجف إلى كربلاء ان آية الله سيد محمد علي موحد ابطحي رحمه الله كان من علماء أصفهان الكبار الذي كان زميلا في النجف مع الإمام موسى الصدر يقول:
عندما كنا نسير برفقة الإمام موسى الصدر سيرا على الأقدام من النجف إلى كربلاء انه كان يحضر المسير يعشق وحب وعند الدعاء وزيارة عاشوراء كان يبكي شديدا ويظهر البكاء على وجهه، وعندما يحين وقت إنشاد الأشعار على لسانه كان يقرا الأشعار باللغة العربية والفارسية في ذكرى مصيبة أهل البيت عليهم السلام، وعند العمل وحمل وسائل السفر كان يعمل أكثر من الكل، وعند المزاح كان يأتي بعبارات تحمل مفهوما علميا وأخلاقيا.


أرسل إلى صديق
ترك تعليق