رمز الخبر: 41
سلسلة أبحاث ينشرها مركز وثائق الثورة الإسلامية...
لو ألقينا نظرة على عشرة قرارات لمجلس الأمن ودراسة الأحداث التي سبقت إصدارها وكذلك تلك التي تلتها، يتضح حينئذ بانه لم يؤخذ بعين الاعتبار كل الشروط الضرورية توفيرها عند إصدار القرار ولم تتوفر الأرضيات الضرورية لتنفيذها. من جهة أخرى فان دراسة الشروط الزمنية لإصدار تلك القرارات تبين بانها كلها صدرت في فترة كان إيران يحقق الانتصار في الحرب، أو تميل كفة المعادلة لصالح إيران. على هذا فان إصدار تلك القرارات في تلك الفترة لم يقدم العون لإيران والانتهاء من الحرب، بل كان يهدف إلى تضعيف الجانب المظلوم في الحرب وتحديد الممارسات الدفاعية له، ودعم المهاجم علنا.
2015 October 03 - 14:35 : تأريخ النشر

الموقع الإعلامي لمركز وثائق الثورة الإسلامية؛ إضافة إلى القرارات العشرة التي صدرها مجلس الأمن؛ كانت كل ممارساته ذات صلة بوضع جبهات الحرب، بمعنى عندما تحقق إيران تطورا في الجبهات كان مجلس الأمن يصدر قرارا ويعرب عن قلقه تجاه توسيع نطاق الحرب، وعندما يرسخ العراق مواقفه في الأراضي الإيرانية، كان مجلس الأمن يتخذ صمتا رهيبا ويدافع عن العراق. هذه العملية تظهر في كل قرارات مجلس الأمن بشكل أو بآخر.

اول قرارات مجلس الأمن

انها صدرت في السادس من شهر مهر عام 59 الموافق نهاية سبتمبر عام 1980 أي بعد أسبوع من بدء الحرب الشامل العراقي على الأراضي الإيرانية، جاء القرار في وقت كان تقدم الجيش العراقي داخل الحدود الإيرانية واضحا، وكان قد اختلت آلاف الكيلومترات من الأراضي الإيرانية، غير ان القرار يدعو الطرفين إلى وقف إطلاق النار.

لا نشاهد قضايا جوهرية مثل تهديد السلام والانتهاك وتهديد وحدة الأراضي الإيرانية في تلك القرارات، انها غضت الطرف عن الهجوم العراقي على أراضي جمهورية إيران الإسلامية وكانت توصي بالامتناع عن اللجوء إلى القوة وطلبت من إيران الاستسلام للعراق. على هذا لا يشير القرار إلى حالة الانتهاك والتنديد بالعراق ودعم المظلوم بل لم تطرح أي آلية لإلزام العراق لوضع حد للهجوم.

لو ألقينا نظرة على الأحداث التي سبقت الهجوم العراقي الشامل منها الهجوم بالطائرات وعبر الأرض والبحر وتمزيق قرار 1975 الجزائر على يد صدام حسين أمام كاميرات المراسلين وإعلان الحرب الشامل العراقي على إيران؛ لعرفنا الجانب المهاجم منذ اول الأمر.

على هذا السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو كيف كان بمستطاع جمهورية إيران الإسلامية ان توافق على عملية وقف إطلاق النار كما كانت القوى الاستعمارية تقترحها، وهي تتعرض إلى الانتهاك والهجوم؟

الواقع ان مجلس الأمن ومن خلال التأكيد على وقف إطلاق النار كان يسير وفقا لسياسات الدول الداعمة لصدام حسين وترسيخ الوضع لصالح العراق. في هذا الإطار وحتى فتح خرم شهر اتخذ مجلس الأمن أو الدول القوية صمتا مليء بالرضا تجاه الهجوم العراقي على إيران. على هذا وكما قال سماحة قائد الثورة هيمن صمت رهيب على مجلس الأمن في تلك الفترة.

لم يصدر مجلس الأمن أي قرار للحؤول دون القتل والهجوم على المواطنين الإيرانيين وخروج القوات العراقية من الأراضي المحتلة الإيرانية حتى احتلال خرم شهر وإعادة تلك الأراضي على يد القوات الإيرانية، وتم ذلك من خلال أربعة عمليات كبيرة وهي ثامن الأئمة وطريق القدس وفتح المبين وبيت المقدس.

القرار الثاني لمجلس الأمن

بعد تغيير مسار الحرب، تغيرت اتجاهات مجلس الأمن في إصدار القرارات، بمعنى انه صدر القرار الثاني لمجلس الأمن للحؤول دون تقدم القوى الإيرانية ودعما لنظام البعث العراقي. أعاد مجلس الأمن بهذا القرار أي 514 مواقفه السابقة، ودعا الطرفين إلى وقف إطلاق النار والرجوع إلى الحدود الدولية. صدر هذا القرار كردة فعل على ما أظهره المقاتلون الإيرانيون من شجاعة وبغية وقف تقدمهم.

أعرب مجلس الأمن في مقدمة هذا القرار عن قلقه لاستمرار الصراعات بين الطرفين ومقتل الأبرياء وإلحاق الضرر بالأماكن والمنشئات وتعرض السلام والأمن العالمي للخطر، وطالب بوقف إطلاق النار وانسحاب القوات من الجانبين إلى الحدود المعترف بها دوليا، عبر إرسال قوات حفظ السلام والمراقبين الدوليين، جدير بالذكر بان القرار لم يتطرق إلى الغازي.

القرار الثالث؛ عامل لتضعيف معنويات القوات الإيرانية

بعد تحرير خرم شهر ونظرا إلى ارتفاع معنويات القوات الإيرانية، رسخت فكرة إنزال العقوبة بالعراق. وعلى هذا ترأست مجموعة عمليات أجندة القوات الإيرانية بعد تحرير خرم شهر بهدف طرد القوات العراقية.

ان الانتصارات التي حققها المقاتلون المسلمون أدت إلى قلق الداعمين لنظام البعث. وفقا لهذا أصبح تقديم العون إلى الجيش العراقي المنهار عبر إرسال القوات الإنسانية وتقديم المعدات والمعلومات والخبراء من أمريكا وروسيا وفرنسا ومصر والدول الأخرى في مجلس الأمن على رأس أجندة تلك الدول. إلى جانب هذا صدر مجلس الأمن القرار الثالث بعد اقل من ثلاثة أشهر على إصدار القرار الثاني، داعيا الأطراف إلى وقف إطلاق النار والانسحاب إلى الحدود الدولية. صدر هذا القرار بالتزامن مع انتصارات الجمهورية الإسلامية الإيرانية فاتضح معها السياسات العدائية مرة أخرى.

قرار 540 حول حرب المدن

صدر قرار مجلس الأمن في التاسع من آبان عام 62 وكان يؤكد على وقف حرب المدن، لكنه قد صدر لوضع العراقيل بوجه تقدم إيران. منذ بداية الحرب قام النظام العراقي بالهجوم على المناطق السكنية والمدن الإيرانية والمنشئات. ومن جهة أخرى بدا العراق الحرب البحرية وشن هجوما على السفن التجارية والنفطية الإيرانية إذ كان إيران محروما من تصدير النفط لفترة من الزمن.

لكن جاء صدور القرار الرابع في فترة كان إيران هو الطرف الأقوى وزادت فرصة توجيه الضربة للعراق. منذ تلك الفترة أصبح منع الهجوم على المناطق السكنية واحترام قوانين الحروب الحربية على رأس أجندة مجلس الأمن.

قرار 522 ودعم الحرب في حرب ناقلات النفط

كان القرار الخامس لمجلس الأمن ذريعة لدعم العراق في حرب ناقلات النفط. منذ ارديبهشت عام 63 بدأت حرب السفن في الخليج الفارسي بوضوح، ونظرا إلى تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز في حال استمرار العراق بشن الهجوم على السفن الإيرانية ودعم الغرب للعراق، أصدر مجلس الأمن القرار الخامس لتضعيف موقف إيران. انه كان قرارا متأخرا ويؤكد على حرية الملاحة والتنديد بالهجوم على السفن التجارية.

عمليات والفجر 8 العظيمة وقرار 582

كان شهر مهر عام 63 حتى مهر عام 64 فترة توقف وقف إطلاق النار المؤقتة وبداية الأعمال السياسية الإيرانية لانتهاء الحرب، لكن لم تحقق الأعمال السياسية الإيرانية لوقف إطلاق النار أي نجاح. ان مجلس الأمن في هذه الفترة لم يصدر أي قرار دعما للممارسات الإيرانية لوقف الحرب حتى قامت القوات الإيرانية بعمليات والفجر 8 وفتحت الفاو وتأسر عدد كبير من القوات العراقية بيد إيران. بعد تحقيق إيران النجاح صدر القرار السادس لمجلس الأمن ودعا الطرفين إلى وقف إطلاق النار والانسحاب إلى الحدود الدولية.

قرار 588 في مواجهة عمليات إيران الناجحة

في نهاية عام 63 وبداية عام 65 ترأست عمليات والفجر 9 وكربلاء 1 الممارسات الإيرانية. شهدت تلك الأيام إخفاق إستراتيجية الدفاع المتحرك العراقية. وبعد تلك التطورات صدر مجلس الأمن القرار السابع رقم 588 وأكد على تنفيذ قرار 582 أي القرار السادس.

قرار 598؛ ثامن قرارات مجلس الأمن

في نهاية عام 65 وبداية عام 66 بدأت عدة عمليات صغيرة وكبيرة ومنها كربلاء 4 و10 و5 وعمليات نصر على يد القوات الإيرانية. في عمليات كربلاء 5 ظهرت صراعات حربية طويلة الأمد خلف بوابة مدينة البصرة وهددت إيران البصرة. في تلك الفترة كان التوازن لصالح إيران فبدأت مساعي عالمية لإعداد القرار الثامن لمجلس الأمن أي قرار 598 وصادق مجلس الأمن على القرار نهاية شهر تير عام 66.

بالتزامن مع تلك الأحداث بدأت جهود أمريكا لمقاطعة إيران اقتصاديا وفي جانب الأسلحة. في ذلك القرار تم التأكيد على انتهاء الحرب الإيرانية العراقية ووقف إطلاق النار والعثور على حل شامل وعادل والانسحاب إلى الحدود الدولية وإرسال فريق مراقب للحدود بين البلدين. كان هذا القرار هو الوحيد الذي بإمكانه توفير مطالبات إيران الأقلية. وكان منطقيا مقارنة بالقرارات الأخرى للأمم المتحدة. رفض إيران القبول بالقرار لأسباب سياسية وعسكرية بداية الأمر، ووضع شروط مسبقة للقبول به. بالتزامن مع صدور القرار بدأت دعاية عالمية كبيرة حول قرار 598 لممارسة الضغط على إيران.

القرار التاسع

بعد مرور 50 يوما على فاجعة حلبجة أصدر مجلس الأمن قرار 612 وبعد صدور القرار الثامن ومن خلال استمرار الحرب ورغبة العراق بانتهاء الحرب صدر القرار التاسع لمجلس الأمن أي 612. صدر القرار على إثر انتشار جرائم العراق الكيماوية وخوف العراق من الأعمال الانتقامية الإيرانية. بعبارة أخرى صدر القرار بغية منع إيران استخدام إمكاناته المحتملة، كتلك القرارات التي صدر حول حرب المدن وحرب ناقلات النفط.

صدر القرار بمبادرة ألمانيا الغربية وإيطاليا واليابان ونظرا إلى تقرير الأمين العام بعد إبداء الفريق المرسل إلى المنطقة رأيه حول استخدام الأسلحة الكيماوية في الحرب الإيرانية العراقية، وندد بشدة استمرار استخدام الأسلحة الكيماوية في الحرب وطلب من الدول الأخرى فرض الرقابة على تصدير المنتجات الكيماوية إلى طرفي الحرب لاستخدامها في الحرب،  لكن لم يجري الحديث عن جرائم الحكام العراقيين في حلبجه، جاء قرار مجلس الأمن حول التنديد باستخدام الأسلحة الكيماوية دون ذكر العراق، نظرا إلى الوضع المتدهور السائد العراق والرأي العام العالمي المتأثر من الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى الداعمة للعراق، حتى يضع إيران والعراق في خانة واحدة.

القرار العاشر رقم 620

في بداية عام 1367ه.ش وبعد إخفاق المنظمات العالمية في إيقاف التطورات الإيرانية والقلق من إخفاق أمريكا في نظرية الحرب الإيرانية العراقية دون تحقيق أي جانب الانتصار، قام الجيش الأمريكي في المنطقة بأعمال واسعة النطاق أهمها كان الهجوم الصاروخي على طائرة مدنية إيران كان على متنها 290 مسافرا. ان تلك الأعمال وما قام به الجيش العراقي من أعمال في الجبهة الجنوبية، خلقت ظروفا جديدة قبلت الجمهورية الإسلامية الإيرانية بقرار 598 رغم عدم تحقيق شروطها المسبقة. وبعد القبول بوقف إطلاق النار وبضغط من دبلوماسية جمهورية إيران الإسلامية صدر مجلس الأمن القرار العاشر رقم 620 ندد خلاله بالاستخدام الأسلحة الكيماوية وأيد المجلس استخدام الأسلحة الكيماوية في الهجوم على إيران.

أرسل إلى صديق
ترك تعليق