رمز الخبر: 46
سلسلة أبحاث ينشرها مركز وثائق الثورة الإسلامية...
دائما وعند اقتراب موعد الانتخابات يشن أفراد وجماعات تنتمي إلى بعض التيارات السياسية هجوما على مجلس صيانة الدستور. ان تلك المجموعات ودون الاهتمام بالتاريخ يريدون إثارة علامات الاستفهام على صلاحيات مجلس صيانة الدستور القانونية. فكما كان إشراف العلماء على قرارات البرلمان منذ عهد الدستورية محل نقاش واحتجاج مجموعات تسمى بالمثقفين، لكن في الكثير من الحالات في التاريخ يمكن إظهار مصير المعارضين لمجلس الخبراء جيدا، في هذا المجال يريد مركز وثائق الثورة الإسلامية ومن خلال تصفح التاريخ التطرق إلى إعادة قراءة مصير المعارضين مع مجلس صيانة الدستور.
2015 October 09 - 08:52 : تأريخ النشر

الموقع الإعلامي لمركز وثائق الثورة الإسلامية؛ دائما وعند اقتراب موعد الانتخابات يشن أفراد وجماعات تنتمي إلى بعض التيارات السياسية هجوما على مجلس صيانة الدستور. ان تلك المجموعات ودون الاهتمام بالتاريخ يريدون إثارة علامات الاستفهام على صلاحيات مجلس صيانة الدستور القانونية. فكما كان إشراف العلماء على قرارات البرلمان منذ عهد الدستورية محل نقاش واحتجاج مجموعات تسمى بالمثقفين، لكن في الكثير من الحالات في التاريخ يمكن إظهار مصير المعارضين لمجلس الخبراء جيدا، في هذا المجال يريد مركز وثائق الثورة الإسلامية ومن خلال تصفح التاريخ التطرق إلى إعادة قراءة مصير المعارضين مع مجلس صيانة الدستور.

المعارضة مع إشراف العلماء في عهد الدستورية

بما ان السبب الرئيس لإنشاء مجلس صيانة الدستور هو صون الأحكام الإسلامية وتطبيق القوانين وقرارات البرلمان مع الشرع المقدس، عل هذا فان المثقفين أصحاب النزعة الغربية والعلمانية ودون الاهتمام بنص الإسلام قاموا بمعارضة هذه النظرية وإشراف المجتهدين الشرعي.

في عهد الدستورية كان هذا التيار الواعي بمكانة العلماء وأهميتهم في صفوف الناس، قد حاول ومن خلال تضعيفهم تنفيذ الأفكار الغربية في المجتمع، وتأسيس العلمانية في البلاد، على هذا ومن خلال الاعتصام في السفارة البريطانية تابع أهدافه. في تلك القضايا كان شيخ فضل الله نوري الذي يتمتع برؤية سياسية عميقة يقوم بتفسير إحداث النهضة، وبعد سماع خبر الاعتصام في السفارة البريطانية، عرف مؤامرات المثقفين التابعين للغرب والماسونيين، وأدرك بان هناك خطرا كبيرا يهدد النهضة، على هذا ومن خلال الاعتصام في حرم عبد العظيم عليه السلام طالب بإشراف لجنة من المجتهدين على القوانين وقرارات المجلس وشرعية الدستورية.

ان اعتصام الشيخ فضل الله في عبد العظيم جعل الكثير من الجماعات التابعة للغرب تقوم بمختلف الأعمال، إذ انتقدهم بسبب مناصرة الاستبداد. مع هذا ان الشيخ ومن خلال إصدار بيانات تعرف بلوائح الشيخ فضل الله، أصر على إشراف العلماء على البرلمان، ولم يتراجع عن موقف بأي حال، وطالب بإدراج أصل في الدستور حول إشراف العلماء على البرلمان.

لكن في مقابل الشيخ فضل الله نوري مارس المثقفون أصحاب النزعة الغربية نفوذهم وضغطهم من أمثال آخوند زادة وتقي زادة وطالبوف وملكم خان، لكن في النهاية تمت المصادقة على هذا الأصل تحت عنوان الأصل الثاني المحلق بالدستور، لم يتم تنفيذ هذا الأصل أبدا وأصبح في خبر كان.

على أي حال فان تفردية الجماعات العلمانية أدت إلى تقوية الاستبداد ثانية في البلاد، إذ قام محمد علي شاه بضرب البرلمان بالدبابة وبدأت فترة الاستبداد الصغير، وعلى هذا يمكن القول بان نتيجة المعارضة مع إشراف العلماء على البرلمان، تجلى في عودة الاستبداد.

استمرت معارضة العلماء، وفي نهاية المطاف وبعد فتح طهران، قامت الجماعات الغربية بإعدام الشيخ فضل الله، بعد إعدامه توفرت الأرضية لجولة الاستعمار والعلمانيين أصحاب النزعة الغربية. ان خطأهم أدى إلى انقلاب الشاه العسكري ضد البرلمان، وهذه المرة توفرت الأرضية لتسلم استبداد رضا خان الأمور. بعد تسلمه مقاليد الحكم تم تهميش المثقفين وعرفوا بأنهم ارتكبوا خطأ في إزاحة علماء الدين من الساحة السياسية في البلاد.

على هذا يمكن تصنيف المعارضين الداخليين لإشراف العلماء في عهد الدستورية في قسمين: المثقفين أصحاب النزعة الغربية والحكم القاجاري. إنهما كانا يريدان بسط نفوذهم في المجتمع، وتضررا بإزاحة العلماء جانبا.

اضطر محمد علي شاه ان يتنحى جانبا بعد فتح طهران، كما تم تهميش المثقفين بعد تسلم استبداد رضا خان الأمور. من جهة أخرى تلقى المجتمع الإيراني أكبر ضربة إذ قد بدأت الحركة نحو الديمقراطية بعد بداية نهضة المطالبة بالعدالة. وعندما تحول ذلك اليأس إلى الأمل ظهر الإمام الخميني قدس سره حاملا أيديولوجية إسلامية قوية، وقاد النهضة الإسلامية.

نهاية معارضة بني صدر مع مجلس صيانة الدستور

بعدما اعتلى بني صدر كرسي الرئاسة تابع أهدافه لتضعيف علماء الدين، وعلى سبيل المثال انه عارض أصل ولاية الفقيه. علينا ان نعرف بان انتخاب بني صدر للرئاسة تم دون تدخل مجلس صيانة الدستور، وان المؤسسات المشرفة التي كان يترأسها السيد موسوي خوئيني ها لم تستطع ان تمنع تولي بني صدر الأمور. هذا وان معصومة ابتكار كتبت في كتاب "تسخير" بان هناك الكثير من الوثائق حول تعاون بني صدر مع سي أي ايه.

ان بني صدر تولى مقاليد الأمور في فترة عدم إشراف مجلس صيانة الدستور، وقام بمعارضة الإشراف الاستصوابي لمجلس صيانة الدستور للحفاظ على بقاءه في السلطة. واتهم المجلس بانه ينتهج العمل الحزبي وطالب بإلغاء الإشراف الاستصوابي والتقليل من صلاحيات مجلس صيانة الدستور. ان التاريخ يبين بان مجلس صيانة الدستور يعمل بعيدا عن تأثير الأحزاب ولا يولي اهتماما بالتكتلات السياسية.

علينا ان نعرف بان عداء بني صدر مع مجلس خبراء الدستور وإشراف العلماء يضرب بجذوره في المعتقدات الغربية والأفكار العلمانية التي يتبناها، على هذا قام بتخريب أهداف الثورة الإسلامية برفقة الغرب. نتيجة لهذا فان تلك التيارات التي تسمي نفسها المثقفين الحداثيين والوطنين أصبحت تتعامل مع الغرب ووضع إمكانياتها بيد الغرب. ان العداء الذاتي لبني صدر مع مجلس صيانة الدستور وعلماء الدين كان تحديا أدى إلى سقوطه.

فضلا عن المؤامرة بوجه مجلس صيانة الدستور قدم بني صدر مقترحا للاستفتاء العام ليبدي معارضته مع الدستور. ان هذا الطلب واجه ردة فعل الإمام ووفر أرضية عزل بني صدر من قيادة القوات العامة وثم من منصب رئاسة الجمهورية، وأخيرا ان النتيجة الوحيدة لمعارضة علماء الدين ومجلس صيانة الدستور، التي حصدها بني صدر تجلت في فضحه والهروب من البلاد.

المعارضة مع مجلس صيانة الدستور بعد وفاة الإمام قدس سره

بعد وفاة مؤسس النظام الإسلامي المقدس، استمرت المعارضة مع مجلس صيانة الدستور على يد الجماعات الخاصة، انها قامت ببث التشاؤم في صفوف الرأي العام تجاه مجلس صيانة الدستور، ومهدوا الأرضية عند المندوبين لحذف الإشراف الاستصوابي. على هذا حاولت تلك التيارات إثارة علامات الاستفهام حول الإشراف الاستصوابي في تأييد صلاحية المرشحين.

كان موقف المنتقدين يتجلى في ممارسة مجلس صيانة الدستور الإشراف الإخباري، أي ان الدولة تقوم باعتبارها منفذة الانتخابات وفقا للقوانين، وتخبر المجلس النتيجة. لكن علينا ان نعرف بان مشروع تضعيف صلاحيات مجلس صيانة الدستور وتحديد صلاحياته، كما ترنو إليه تلك الجماعات، كان قد نفذ فيما قبل على يد الجماعات العلمانية، ولم يأت بنتيجة سوى ظهور الاستبداد والاستعمار وخلق أجواء تسودها بث الأمل في المجتمع.

هجوم محتشمي بور على مجلس صيانة الدستور عام 69

ان معارضة الواجب القانوني لمجلس صيانة الدستور في ظل ظروف لم تمر على وفاة مؤسس الثورة عامين، يدل على تضعيف أهداف الثورة الإسلامية، في تلك الفترة شن علي أكبر محتشمي بور وهو مدير تحرير شهرية بيان في عددها الخامس والسادس في 1369 هجوما على الإشراف الاستصوابي لمجلس صيانة الدستور.

النقطة المهمة هو ان إعادة قراءة تلك القضايا لم تقدم العون في تلك الفترة إلى نظام الجمهورية الإسلامية بل تؤجج الأجواء السياسية في البلاد، وتمنح القوى المحاربة للثورة فرصة وكذلك الأعداء الأجانب كي يحققوا أهدافهم من خلال تضعيف علماء الدين، وان يجعلوا أنفسهم على رأس الأمور. بالتحديد على غرار تلك المصيبة التي حلت بالبلاد بعد الثورة الدستورية، ووفرت الأرضية لهيمنة الاستعمار والاستبداد في إيران.

مساعي الجبهة الوطنية لمواجهة مجلس صيانة الدستور

في هذا الإطار نشر المجلس المركزي للجبهة الوطنية بيانا في اسفند 1376 جعلت إثارة الأجواء حول مجلس صيانة الدستور على رأس أجندتها، ووجهت انتقادات لهذه المؤسسة فيما يتعلق بالانتخابات وطالبت بإشراف الحكومة على الانتخابات، ان هذا المقترح كان ضعيفا لأنه كان يقع مهمة الإشراف والتنفيذ على عاتق الحكومة ويؤدي إلى القضاء على القانون.

جدير بالذكر بان مجلس صيانة الدستور هو المرجع الذي يتولى وفقا لدستور الجمهورية الإسلامية الإشراف على قرارات البرلمان حتى لا تتعارض مع الشرع والدستور، وكذلك الإشراف على صلاحية الأفراد ونزاهة الانتخابات. على هذا الأساس لو رأى مجلس صيانة الدستور بان القانون يعارض الشرع ولو تم رفض صلاحية الفرد وإبطال الأصوات؛ فكل تلك القضايا تتم وفقا لأدلة شرعية.


أرسل إلى صديق
ترك تعليق