رمز الخبر: 116
ان أزمة قائم مقام قيادة الثورة وعزل آية الله منتظري على يد الإمام في السادس من فروردين عام 1368 الذي كان يعده ثمرة حياته، حملت في طياتها نتائج مهمة وحيوية لنظام الجمهورية الإسلامية واستمرار أهداف الثورة الإسلامية. مع انه يمكن دراسة نتائج هذه القضية من مختلف الجوانب، لكننا في هذا المقال الذي يتمحور حول شخصية آية الله منتظري وأداءه وسلوكه السياسي، نبين بان إثبات أهمية الحفاظ على النظام في سيرة الإمام الخميني قدس سره، ومنع نفوذ الجماعات المعاندة في قيادة النظام، والحفاظ على الوحدة والحؤول دون الفجوة في صفوف النخبة، وإغلاق طرق استغلال الأعداء كانت من أهم نتائج القرار التاريخي للإمام في عزل آية الله منتظري.
2021 March 26 - 10:47 : تأريخ النشر

موقع مركز وثائق الثورة الإسلامية. ان قضية قائم مقام قيادة الثورة في الستينات وبسبب مواقفه وأداءه المثير للجدل وما قام به أقاربه، تحول إلى أزمة في صفوف قادة نظام الجمهورية الإسلامية. بعد اعتقال وإعدام مهدي هاشمي زادت هذه الأزمة حدة، وبعد انتهاء الحرب المفروضة وفي آخر عام من حياة الإمام الخميني قدس سره الشريفة، زادت هذه الخلافات، لكن في السادس من فروردين عام 1368 اتخذ مؤسس الثورة الإسلامية قرارا مهما وصعبا. وعزل آية الله منتظري من منصب قائم مقام القيادة في رسالة تاريخية.

مع انه يمكن دراسة هذا القرار من مختلف الجوانب لكنه حمل نتائج مهمة، لكن فيما يلي نتطرق إلى جانب من نتائج عزل منتظري.


1- إثبات أهمية الحفاظ على النظام في سيرة الإمام الخميني قدس سره

بعد انتصار الثورة وترسيخ أسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية قد أكد الإمام على ضرورة الحفاظ على النظام وأهمية الأمر بشكل خاص، بحيث تحولت عبارته الشهيرة: الحفاظ على النظام من اوجب الواجبات، إلى عبارة متداولة، لهذا اظهر الإمام في أصعب أزمة واجهتها الجمهورية الإسلامية على مستوى النخبة إذ تحولت إلى تحدي كبير، اظهر بان الحفاظ على النظام يفوق أي مصلحة فردية وجماعية.

كان يتمتع آية الله منتظري وبسبب تاريخه النضالي والعلمي في صفوف الثوار بمكانة خاصة، وتولى مسئوليات كثيرة، بالرغم من كل هذا، لم يتوقع المسئولون اتخاذ هذا القرار ومنهم وزير الاستخبارات آنذاك محمدي ري شهري إذ قال: بسبب المكانة التي كان يتمتع بها السيد منتظري حتى آخر الأيام التي قبل عزله عند الإمام، لم يكن احد يتصور عزله.

هذا وفي الرسالة التي كتبها سماحة الإمام في السادس من فروردين زادت أهمية هذه القضية، إذ عزل الإمام، آية الله منتظري الذي كان يعد ثمرة حياته من منصب قائم المقام.

غير ان إيضاح هذه القضية أي هدف الإمام في الحفاظ على الثورة يظهر في رسالة أرسلها إلى مندوبين مجلس الشورى الإسلامي، إذ كتب الإمام: ان والدكم العجوز ومنذ عامين بذل كل مساعيه في البيانات والرسائل، حتى لا تنتهي هذه القضية إلى ما هي عليها الآن، لكنه الأمور سارت عكس ما يريد. من جهة أخرى يقتضي واجبه الشرعي بان يتخذ القرار الضروري للحفاظ على النظام والإسلام، على هذا وبقلب اليم أقوم بعزل ثمرة عمري لمصلحة النظام والإسلام.


2- الحؤول دون نفوذ الجماعات المعاندة في قيادة النظام

ان قائم مقام القيادة كان يتولى قيادة النظام، وهذا الأمر جعل الجماعات المعاندة للنظام وخاصة الليبراليين والمنافقين، يزيدون من علاقاتهم بآية الله منتظري، بحيث يشير مهدي هاشمي في اعترافاته بان شقيقه هادي هاشمي يخطط لإدخال المنافقين في مكتب قائم مقام القيادة. فضلا عن هذا ورد في إحدى وثائق وكر التجسس بان منتظري لا يشبه علماء الدين الآخرين، وان تصريحاته ومواقفه تملي عليه، وانه الشخصية المناسبة للنفوذ.

هذا وتبين المصادر التاريخية بان الجماعات المعاندة ومنذ السنوات الأولى للثورة تريد الاستفادة من منتظري وأقاربه لتوجيه الضربة للنظام والسيطرة على مصالح البلاد. يشير الحاج احمد قديريان وهو من المسئولين في العدلية في ذكرياته إلى رسالة الشهيد بهشتي للإمام بان خطط بني صدر والمهندس بازركان والجبهة الوطنية ونهضة الحرية والجماعات الأخرى، تخطط للسيطرة على مستقبل البلاد في غياب الإمام، ويقدم تحليلا حول منصب قائم مقام آية الله منتظري.

ان قضية تغلغل المنافقين والليبراليين ومواقف آية الله منتظري اتسعت لدرجة أصبحت علنية وواضحة، وأظهرت تصريحات منتظري في احتفاليات مرور عشر سنوات على انتصار الثورة هذا الأمر، إذ أشار الإمام قدس سره في رسالة إلى منكوبي الحرب المفروضة إلى قضية النفوذ والتغلغل قائلا: أعلنوا مرارا بأنهم يبررون أقوالهم عن طريق هؤلاء الساذجين.

تتجلى أهمية هذه القضية في رسالة الإمام الخميني بتاريخ 6/1/68 ، لدرجة أن الكلمات الرئيسية "المنافقون" و "الليبراليون" هي الأكثر شيوعا في رسائل الإمام الخميني. كأن الإمام كان قلقا جدا من هذه القضية لدرجة اعتبر هذا سببا كافيا لعزل منتظري: بما أنه أصبح واضحا بأنك ستسلم ، هذا البلد العزيز والثورة الإسلامية للشعب المسلم في إيران ، الى الليبراليين ومن خلالهم للمنافقين، فقد فقدت كفاءة وشرعية القيادة المستقبلية للنظام.

تعرضت قضية نفوذ الليبراليين والمنافقين في بيت منتظري لانتقادات شديدة من قبل القوى الثورية وعلماء الدين لدرجة أن آية الله مشكيني ، رئيس مجلس خبراء القيادة و في عام 1376 ، أشار إلى هذه القضية وقال: وان كان فاضلا الا انه كان يعاني من عيب واحد، وهذا ما اطاحه من كل شيء... وهو سيطر عدد من غير الصالحين عليه ولم يتمكن من الخروج من سيطرتهم.

في الواقع ، بهذا القرار المهم والتاريخي ، أغلق الإمام الطريق أمام النفوذ الواسع للمنافقين والليبراليين على رأس القيادة المستقبلية للنظام وأحبط المؤامرة الكبرى للجماعات المعاندة. هذا و أن سلوك منتظري وأدائه في السنوات التي أعقبت إقالته أثبت هذه القضية ، لدرجة أن المنافقين اعتبروا منتظري أملهم الوحيد داخل البلاد ، حتى أن مسعود رجوي في لقائه مع حبوش. رئيس جهاز مخابرات النظام البعثي في ​​عام 1378 اعتبر تيار منتظري هو اقرب تيار داخلي لتنظيمه.


3- الحفاظ على الوحدة والحؤول دون ظهور الفجوة بين النخبة

كانت قضية "الوحدة" المبدأ الأساسي في فكر الإمام الخميني وعمله، كي تتغلب الثورة الإسلامية على المشاكل الداخلية والخارجية. إن مواقف آية الله منتظري وأفعاله عندما كان قائم مقام القيادة، أضرت بشكل لا يمكن إصلاحه بمبدأ الوحدة وكادت تدخلاته العشوائية وتصريحاته المثيرة للجدل تحدث شرخا عميقا بين المسؤولين على مختلف المستويات حتى كان هناك من يخاف من ان تصل هذه التوترات الى عامة الناس. ظهرت أزمات قائم مقام القيادة في زمن كان تعيد إنتاج الخلافات في البلاد.

وقد شكل خطاب منتظري في 22 بهمن 1367وانتقاداته الحادة لقضايا مثل الدفاع المقدس وأداء الثورة بعد عقد من الزمن تحديا خطيرا للجمهورية الإسلامية.

فالشخص الذي يفترض أن يكون قائدا للجمهورية الإسلامية بعد الإمام ، وبدلا من أن يمنح الناس الأمل أمل ويبث الياس في قلوب العدو، كان يفتقر الى البصيرة السياسية بحيث اثار علامات الاستفهام على ما بذل طيلة ثماينة اعوام من الدفاع المقدس، واظهر العدو بانه المنتصر وبهذا جعل الاعداء يفرحون وبث الياس في نفوس الاصدقاء.

وعليه ، فإن قرار الإمام بإقالة آية الله منتظري أنقذ البلاد من فجوة مدمّرة، خاصة أنه بعد انتهاء الحرب المفروضة ، سادت ظروف خاصة في الأجواء الاجتماعية والسياسية للمجتمع الإيراني. النقطة التي يذكّرها الإمام الخميني في رسائله الأخيرة ضد مواقف منتظري: لا ينبغي لنا ، من أجل إرضاء بعض الليبراليين والعملاء ، أن نخطئ في اطلاق التصريحات والتعبير عن الآراء التي يشعر بها حزب الله العزيز أن الجمهورية الإسلامية تراجعت عن مواقفها المبدئية.


4- قطع الطرق أمام استغلال الأعداء

مما لا شك فيه أن أحد نقاط الضعف في أداء آية الله منتظري كان الاستغلال المستمر لمواقف وتصريحات قائم مقام القيادة، لا سيما من قبل وسائل الإعلام الأجنبية. إذ لو استمر في منصبه لكانت توجه ضربات مدمرة لنظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

أصبحت أصداء آراء آية الله منتظري وانتقاداته في وسائل الإعلام الأجنبية ، وخاصة إذاعة بي بي سي ، شائعة ، مما خلقت تحديات مختلفة للنظام. وتكررت هذه القضايا لدرجة أن آية الله منتظري أشار في مذكراته عن قصة مهدي الهاشمي إلى انتشار رسالته إلى الإمام في إذاعة بي بي سي وذكر غضب الإمام من هذه القضية.

كما ذكر الإمام قدس سره في رسالة 6 فروردين إلى هذا الأمر بالقول: لا تكتبوا لي رسالة بعد الآن ولا تسمحوا للمنافقين بإعطاء كل أسرار البلاد للإذاعات الأجنبية".

كما كتب الإمام في جزء آخر من رسالته: خطابات المنافقين التي وصلت إلى الناس من خلالكم عبر وسائل الإعلام ، وجهت ضربة قاصمة للإسلام والثورة ، وتمثل خيانة كبيرة لجنود إمام العصر روحي له الفداء المجهولين، ودماء شهداء الإسلام والثورة الطاهرة.

من الواضح أنه مع عزل آية الله منتظري من منصب قائم مقام ، تم قطع طريق استغلال الأعداء ووسائل الإعلام الأجنبية لضرب النظام ، وقرار الإمام هذا، صان النظام والثورة.


آخر الكلام

ان أزمة قائم مقام قيادة الثورة وعزل آية الله منتظري على يد الإمام في السادس من فروردين عام 1368 الذي كان يعده ثمرة حياته، حملت في طياتها نتائج مهمة وحيوية لنظام الجمهورية الإسلامية واستمرار أهداف الثورة الإسلامية. مع انه يمكن دراسة نتائج هذه القضية من مختلف الجوانب، لكننا في هذا المقال الذي يتمحور حول شخصية آية الله منتظري وأداءه وسلوكه السياسي، نبين بان إثبات أهمية الحفاظ على النظام في سيرة الإمام الخميني قدس سره، ومنع نفوذ الجماعات المعاندة في قيادة النظام، والحفاظ على الوحدة والحؤول دون الفجوة في صفوف النخبة، وإغلاق طرق استغلال الأعداء كانت من أهم نتائج القرار التاريخي للإمام في عزل آية الله منتظري.


أرسل إلى صديق
ترك تعليق