رمز الخبر: 128
ان مفهوم الديمقراطية في خطابات الإمام الخميني قدس سره ورد من خلال إطارين: الأول الديمقراطية المنشودة والايجابية، والثاني الديمقراطية غير المنشودة، وعلى حد تعبير سماحته الديمقراطية غير الحقيقة والمزورة، التي تأسست في الغرب، وكما يقول فأنها ليست بديمقراطية، ان سماحة الإمام الخميني ومن خلال الحديث عن الديمقراطية المنشودة وإيضاحها، قد أشار إلى الديمقراطية السائدة في العالم المعاصر، وقد أورد عدة قضايا عند نقدها، ان إنعام النظر في هذه القضايا يوضح بأنه لم يريد توجيه النقد للديمقراطية السائدة، بل كان قد أشار إلى مكامن الضعف في الديمقراطية في بعض الأحيان.
2021 April 24 - 08:56 : تأريخ النشر

موقع مركز وثائق الثورة الإسلامية، أول قضية تلفت الانتباه عند دراسة فكرة الإمام الخميني عن الديمقراطية هي انه أبدى رأيه في فترة خاصة حول هذه القضية، وان جل آراءه حول الديمقراطية جاءت في الفترة الواقعة بين 1356 حتى 1358، من الواضح بأن بناء أي علاقة بين الفترة الزمنية أعلاه وتقديم سماحة الإمام أفكاره حول الديمقراطية بحاجة إلى معلومات ودراسات واسعة النطاق، لم نتطرق إليها في هذه الدراسة بسبب غياب التناسب الموضوعي مع هذه القضية.

ان مفهوم الديمقراطية في خطابات الإمام ورد من خلال إطارين: الأول الديمقراطية المنشودة والايجابية، والثاني الديمقراطية غير المنشودة، وعلى حد تعبير سماحته الديمقراطية غير الحقيقة والمزورة، التي تأسست في الغرب، وكما يقول فأنها ليست بديمقراطية.

هذا وان القضية المهمة التي تطل برأسها هنا هي ان سماحة الإمام وضع أسس مشروعه عن الديمقراطية المنشودة وفقا لتعريف خاص من مفهوم الديمقراطية وقراءة خاصة له، فان سماحة الإمام قدم سمات وميزات للديمقراطية المنشودة التي يمكن لطرحها ان تكون صورة واضحة المعالم إلى حد ما عن الديمقراطية المنشودة من منظاره، ان السمات ومؤشرات الديمقراطية المنشودة عند سماحة الإمام هي كالتالي:

أ‌- رفض الاستبداد والدكتاتورية: ان الديمقراطية التي وردت في أفكار سماحة الإمام تأتي في النقيض من الاستبداد والدكتاتورية. إذ قال في هذا المجال: "ان أسس الديمقراطية تعارض نظام الشاه"، أو "لن نتخلى عن النضال حتى تحل حكومة ديمقراطية بالمعنى الصحيح محل المستبدين"، أو "بنهضة الشعب، سيسقط الشاه، وتحكم حكومة ديمقراطية البلاد".

مخلص القول يمكن الإشارة إلى نقطة مهمة وهي معارضة الديمقراطية مع النظام السياسي المستبد، فالاستبداد والدكتاتورية من السمات المحورية للنظام البهلوي، وان سماحة الإمام يرى ان تحقق الديمقراطية تتوقف على سقوط النظام الملي.

هذا القول يقترب من الحقيقة لو عرفنا بان سماحة الإمام يرى ان تحقيق الديمقراطية يستحيل في ظل حكم البهلوي.

ب‌- توفير الحرية والحفاظ عليها: من السمات الأخرى للديمقراطية المنشودة عند الإمام قدس سره هي توفير حرية الشعب والحفاظ عليها في المقابل من العراقيل التي تقف بوجه تحقيق الحرية، إذ أشار إلى هذا القول بأنه "لا فكرة وعقيدة مثل الإسلام تبحث عن تحقيق الحرية" انه أشار إلى نوعين من الحرية المتوفرة في الديمقراطية المنشودة عند، وأول حرية كان يبحث عنها تتجلى في الحرية في المشاركة السياسية.

ان سماحة الإمام كان يرى ان حرية الشعب في الإنتخابات تعد من ضمن أسس الديمقراطية ويضرب حرية الناس في اختيار المندوبين في البرلمان مثالا لهذا الأمر. فحرية التعبير والمعتقد تعد ثاني نوع من الحريات إذ قدم سماحة الإمام الديمقراطية المنشودة عنده بمؤسسها والمحافظ عليها: "في الإسلام توجد الديمقراطية وللناس الحرية في التعبير عن معتقداتهم". الموضوع الملفت للنظر هو ان سماحة الإمام يرى ان نطاق الحرية المنشودة عند هو انحراف الشعب عن المسار الصحيح والتعاون مع أعداء النظام، بمعنى ان في الديمقراطية المنشودة عنده يتم الاعتراف بحرية المعتقد والتعبير وتتم المحافظة عليها، ما لم تؤدي إلى تحريف الرأي العام واستغلال أعداء النظام منه.

ت‌- علاقتها بالاستقلال: يستنبط من أسلوب ورود العبارات في خطابات سماحة الإمام بان الديمقراطية المنشودة عند، ملازمة لمفهوم الاستقلال وتصبح ذات مغزى إذا ما جاءت إلى جانبها: "ان النظام الحكومي في إيران هو الجمهورية الإسلامية، التي ستحافظ على الاستقلال والديمقراطية، و "ان خطتنا السياسية هي الحرية والديمقراطية الحقيقة والاستقلال" ان إنعام النظر في العبارات أعلاه يبين بان سماحة الإمام كان يعتقد بنوع من الديمقراطية التي تضمن استقلال البلاد وتحافظ عليها، وعلى هذا يرفض أي شكل من أشكال الديمقراطية التي تنتهي إلى زوال استقلال المجتمع أو ضعفه.

ث‌- المطالبة بالعدالة: ان العدالة والمطالبة بها ورفض التمييز وايلاء الاهتمام بالضعفاء، تعد من السمات المنشودة للديمقراطية عند الإمام التي تظهر في خطاباته على النحو التالي:

"الديمقراطية المتوفرة في الإسلام لا مكان آخر توجد، لا ديمقراطية مثل الديمقراطية في الإسلام تهتم بالضعفاء" هذا وان الحكومة الإسلامية تعني حكومة مؤسسة على العدل والديمقراطية" و"النظام في صدر الإسلام كان ديمقراطي، إذ لم يكن هناك أي تمييز بين الحاكم في المجتمع والرعية في الاستفادة من الإمكانيات.

وفي رأي الإمام ان تلك القراءة من الديمقراطية منشودة إذ لا تناصر الرأسمال العالمي.

ج‌- مستمدة من الإسلام: من سمات الديمقراطية الجوهرية المنشودة عند الإمام هي العلاقة المستمرة بين الديمقراطية والإسلام، في الحقيقة فان الديمقراطية موجودة في الإسلام ولا تتحقق الديمقراطية إلا بظل الإسلام، ان سماحة الإمام والى جانب حصر بناء الديمقراطية الصحيحة بالديمقراطية الموجودة في الإسلام واعتبارها فريدة بنوعها يقول" إننا سنعلم العالم ما معنى الديمقراطية".

ان النظام الحكومي في صدر الإسلام (الحكومة النبوية والعلوية) هي النموذج للديمقراطية المنشودة عند الإمام إذ قال سماحته: "ان حكومة صدر الإسلام هي نظام ديمقراطي إذ لا يمكن ان تصبح ديمقراطيات اليوم والمعاصرة مثلها".

كما قال سماحته في خطاب آخر في هذا المجال: إننا نريد ان نطبق الإسلام وحكومة الإسلام على نحو تشبه الإسلام في زمن الظهور حتى يعرف الغرب المفهوم الصحيح للديمقراطية كما هي ويعرف ما الفوارق بين الديمقراطية في الإسلام والديمقراطية المزيفة كما تدعي حكوماتهم تطبيقها.

ان سماحة الإمام يقدم الديمقراطية المنشودة بأنها تعتمد وتؤسس على القواعد والقوانين الإسلامية ولهذا فان هذا النوع من الديمقراطية هي أكمل من الديمقراطية الغربية، وبرأي ان النظام الذي نقترحه لا يوجد مثله في الغرب ولن يظهر مثله، وقد تكون هناك وجوه اشتراك وتشابه بينه والديمقراطية الغربية، لكن في الديمقراطية التي نريد تأسيسها لا يوجد مثيلا لها في الغرب، وتدار وفقا للقوانين والمعايير الإسلامية.

كما أشار سماحة الإمام إلى عدم تأسيس صرح الديمقراطية المنشودة وقال" لو حالفنا التوفيق فيما بعد سنثبت للشرق والغرب بان الديمقراطية المنشودة عندنا هي الديمقراطية الصحيحة وليست تلك التي تقدم في الشرق والغرب ويطلق عليها الديمقراطية".

جدير بالذكر بان سماحته والى جانب الاهتمام بالتفاسير المختلفة من الإسلام يقول "ان قوانين الإسلام الأساسية لا مرونة فيها؛ لكن هناك قوانين في الإسلام تحمل المرونة من خلال مختلف الأفكار، ويمكنها تضمين الديمقراطية بمختلف الأشكال.

نقد الديمقراطية السائدة

ان سماحة الإمام قدس سره، ومن خلال طرح وإيضاح الديمقراطية المنشودة أشار إلى أنواع الديمقراطية في العالم المعاصر وقدم مختلف الأفكار في نقدها، ان إنعام النظر في هذه القضايا يبين بأنه لم يريد نقد الديمقراطية السائدة بل أشار في بعض الأحيان إلى مكامن ضعف الديمقراطية السائدة، فمن الطبيعي بأنه لو تطرق إلى نقد هذه الظاهرة بالتحديد، لاتضحت المشاكل والإشكاليات الأخرى الكامنة فيها.

يرى سماحة الإمام "في الغرب لا يوجد شيء اسمه الديمقراطية، وان كانوا يزعمون ذلك. و "ان هذه الحكومات هي ديمقراطية في العنوان وليس في الفحوى، وان الديمقراطيات اليوم هي مستبدة". وبرأيه "ان الديمقراطية في الشكل الغربي فاسدة، وفي الشكل الشرقي فاسدة أيضا". مع انه "هناك ضجة حول الديمقراطية، وضوضاء، هذا الاسم والعنوان من الديمقراطية موجود في الولايات المتحدة وبريطانيا، وفي هذه البلدان هناك قضايا تتسم بالدكتاتورية". ومن الإشكاليات التي يطرحها سماحة الإمام عند الحديث عن الديمقراطيات السائدة هي التمييز بين الحكام والشعب في التمتع بالإمكانيات ومناصرة الرأسمال وعدم الاهتمام بالضعفاء.

طرح نظام مؤسس على الديمقراطية من منظار سماحة الإمام الخميني

ان سماحة الإمام وفي الفترة الواقعة بين تأسيس النهضة الإسلامية بعام 1342 حتى تاريخ وفاته 1368 وكونه قائد الثورة الإسلامية ومؤسس أول حكومة دينية في العالم المعاصر، قد عبر عن سمات النظام الحكومي في مختلف المناسبات، إذ يمكن ومن خلال تلخيص هذه السمات الخروج بصورة كاملة عن الحكومة المنشودة عنده. ان الحكومة التي تؤسس على قاعدة الديمقراطية تمثل الأرضية لظهور هذه القراءة من الديمقراطية.

ان الديمقراطية المنشودة عند سماحة الإمام هي المؤسسة لحكومة تقوم بكسب رضاء الناس لكسب رضاء الخالق، وان رضاء الخالق يمر عبر كسب رضاء الشعب. ويجب ان تحظى بتأييد وقبول الناس، وان الناس يوافقون عليها قلبا وقالبا، وتعترف بأخطائها، وتتخلى عن قراراتها الخاطئة. وفي المقابل ترضخ للقانون، وتعمل في إطار القانون وتحترم أفكار الناس ومعتقداتهم، وفي المقابل تستسلم لمطالب الناس الشرعية والقانونية، وتعتمد على إرادة الشعب، وتولي أكبر قدر من الاهتمام بالطبقة الضعيفة في المجتمع، وتكون متواضعة أمام الناس، وتؤمن بمشاركة الناس في إدارة البلاد وقضايا البلد، ويحصل الناس بسهولة مع المسئولين وان تكون هناك طرق تواصل مع الحكومة.

ان الديمقراطية المنشودة عند سماحة الإمام تحارب ما يؤدي إلى ضعف الناس وإذلالهم ويسلب منهم قوة الاختيار الإلهي، سواء كان ذلك في إطار الرأسمالية أو ما يتمحور حول الرأسمال، أو كان في إطار التمييز والظلم واللا عدالة، على هذا الأساس فان الديمقراطية المنشودة عند سماحة الإمام وفضلا عن الرؤية العامة لجميع الناس، تحمل نظرة خاصة للمستضعفين، وتبحث عن تبلور الديمقراطية في دعم الطبقات الضعيفة من المجتمع، ان نقد الديمقراطية السائدة في الغرب تم بواسطة هذه الأفكار والآراء، ان سماحة الإمام واعتمادا على هذه الرؤية يرى ان الديمقراطية الغربية فارغة عن أي فحوى وتحتوي على أشكال من الاستبداد، أشكال انتهت إلى سلب حريات الإنسان التي منحها الله إياه وجعلته أسيرا في الصخب الإعلامي ووسائل الإعلام.

أرسل إلى صديق
ترك تعليق