رمز الخبر: 157
إذا كانت وسائل الإعلام العالمية حتى الآن، عند تغطيتها للجرائم الأمريكية ضد حقوق الإنسان، تشير إلى تاريخ أمريكا وماضيها، أو تغطي أنشطتها الإجرامية في دول أخرى من العالم، فمنذ عام مضى وحتى الآن، يمكننا القول إن التركيز الرئيس يمكن ان يكون على القضايا المحلية الأمريكية. فالسود الذين لا يتمتعون بعد بحقوق متساوية مع البيض؛ اللاتينيون المحرومون من الخدمات الاجتماعية الأساسية، والسكان الأصليون الذين يتعرضون للتمييز، كل تلك القضايا تظهر أن حكومة الولايات المتحدة لا تقع ركبتيها على أكتاف العديد من الناس في جميع أنحاء العالم، ولكن هناك العديد من المؤشرات على انتهاكات حقوق الإنسان الأمريكية داخل البلاد.
2021 July 13 - 08:04 : تأريخ النشر

موقع مركز وثائق الثورة الإسلامية -دخلت الولايات المتحدة، التي انتهجت سياسة العزلة حتى الحرب العالمية الثانية وحاولت الابتعاد عن أحداث العالم القديم، دخلت الحرب العالمية الثانية لتحقيق مصالحها الاقتصادية وبعد تلك الحرب، كنها إحدى المنتصرون، وبسبب الدعاية، أطلقت على القرن الجديد القرن الأمريكي. وتزامن انتهاء سياسة الانعزالية مع التدخل الأمريكي في كافة الأحداث في العالم. وحيثما يمكن للولايات المتحدة متابعة مصالحها الاقتصادية والسياسية من خلال التدخل في الشؤون الداخلية للدول، فإنها لم تمتنع عن القيام بذلك. بعد فترة، لم يعد الوجود الأمريكي في البلدان التي لم تعيش حالة حرب مبررا. كانت سياسات الحرب الباردة، وكذلك سياسات ما بعد الحرب الباردة لحكومات الولايات المتحدة لحماية حقوق الإنسان في أجزاء مختلفة من العالم، بوابة للتدخل الأمريكي في جميع أنحاء العالم، ليست الا.

لقد مرت سنوات منذ أن استخدمت الولايات المتحدة منظمات حقوق الإنسان للضغط على دول مختلفة لتغيير سياساتها للتوافق مع الولايات المتحدة. فالسياسات الأمريكية في التعامل مع أشخاص مثل معتقلي غوانتانامو، وقتل المدنيين والعزل في أفغانستان بعمليات الطائرات بدون طيار، أو التعاون مع دول مثل المملكة العربية السعودية لانتهاك حقوق الشعب اليمني وتدمير دول أخرى تعد سياسات قديمة أخرى قد يمكن الحديث عنها في انتهاك حقوق الانسان على يد أمريكا، ليس بجديد. فعندما لا ترى حكومات الولايات المتحدة نفسها مسئولة أمام أي من هيئات حقوق الإنسان الرئيسية أو المحاكم الدولية، فلا جدوى من الحديث عن حقوق الإنسان والضغط على الدولة للامتثال لمعايير حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.

لا تعني تلك القضايا بأن العالم يتخذ الصمت بشأن كوارث حقوق الإنسان الأمريكية. هذا وإن وقوع أحداث مختلفة داخل الولايات المتحدة وانتهاك حقوق الناس داخل هذا البلد، فتح أبوابا جديدة لانتقاد النظام السياسي الأمريكي وإظهار الوجه المزدوج للحكومة الأمريكية في التعامل مع هذه القضايا. فالسود الذين لا يتمتعون بعد بحقوق متساوية مع البيض؛ اللاتينيون المحرومون من الخدمات الاجتماعية الأساسية، والسكان الأصليون الذين يتعرضون للتمييز، أو حتى الأطفال الذين تعرضوا للاعتداء الوحشي على يد الشرطة أثناء اللعب بالبنادق البلاستيكية، كل تلك القضايا يظهر أن حكومة الولايات المتحدة لا تقع ركبتيها على أكتاف العديد من الناس في جميع أنحاء العالم، ولكن هناك العديد من المؤشرات على انتهاكات حقوق الإنسان الأمريكية داخل البلاد. في السنوات الأخيرة، وبعد ظهور روايات حول تفوق العرق الأبيض في السياسة الأمريكية، ظهر أن التمييز العنصري الهيكلي والمنهجي في الولايات المتحدة، وعلى الرغم من كل الحركات الاجتماعية التي حدثت في هناك منذ الخمسينيات والستينيات، لا يزال موجوداً، و إنه في بداية الطريق.

إن الكشف عن أنشطة الحكومة الأمريكية المناهضة لحقوق الإنسان وتورط الحكومة الأمريكية مع قوات الشرطة العنيفة التي تعلمت طريقة التعامل مع المتهمين من نظام عنصري مثل الكيان الصهيوني، قد يكون في وقت ما تحول إلى الخبر الأول في عناوين وسائل الإعلام ولكن هذه التغطية الإعلامية هي شهادة على الادعاء بأن الولايات المتحدة لم تعد ذات قيمة ولن تكون مكانا مرجعيا، لا قوة رئيسية في العلاقات الدولية ولا قائدة في دفع سياسات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم. إذا كانت الولايات المتحدة حتى الآن قد سعت إلى تجاهل حقوق الناس في جميع أنحاء العالم بذرائع مختلفة ومن خلال تصنيف مجموعات مختلفة على أنها "إرهابية"، فيجب على حكومة الولايات المتحدة اليوم أن توضح للعالم ما يجري لشعبها والتحدث عن هذا المطالب كيف تتجاهل هذه الدولة التي تزعم الدفاع عن حقوق الانسان حول العالم، حقوق شعوبها على أرضها وتعزز السياسات العنصرية ؟

ليس قتل السود في شوارع مدن أمريكية مختلفة هو القضية الوحيدة التي تتهم فيها الحكومة بانتهاكات حقوق الإنسان، وإنما الجهود المبذولة في العديد من الولايات لسلب حق التصويت من السود أو لتوفير ظروف لأقليات عرقية أو دينية لعدم التوجه إلى صناديق الاقتراع وعدم المشاركة في مصير أنفسهم وبلدهم هو مثال آخر على هذا التمييز العنصري وانتهاك الحقوق الأساسية للأقليات في الولايات المتحدة.

إذا كان العالم صامتا حتى الآن بشأن انتهاكات حقوق الإنسان الأمريكية في مختلف البلدان، ولم تسمح هذه الدولة حتى للمحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق في جرائم الحكومة الأمريكية في دول مثل أفغانستان، لكن اليوم أصبحت منظمات حقوق الإنسان ودعم الأقليات العرقية والحركات المختلفة مثل حركة "حياة السود مهمة" تتهم الحكومة الأمريكية بانتهاكات حقوق الإنسان داخل البلاد، وتحاول فضح الشخصيات التي تقف وراء شعارات حقوق الإنسان.

اليوم لو أرادت حكومة الولايات المتحدة التحدث عن قضايا حقوق الإنسان في العالم، فعليها أولاً تحديد الإصلاحات التي أجرتها لحماية حقوق السود واللاتينيين والأقليات العرقية الأخرى داخل أراضيها. إذا كانت هذه الدولة تريد التحدث إلى العالم حول الديمقراطية التي تطمح اليها، فيجب عليها أولاً تحديد نوع الديمقراطية التي تسعى إليها ولماذا لا يتم تطبيق نموذجها المقترح داخل أراضيها. كان فضح الولايات المتحدة وتشويه سمعتها حول قضايا حقوق الإنسان أهم إنجاز لنشطاء حقوق الإنسان داخل الولايات المتحدة، والذي يجب أن يحظى بمزيد من الاهتمام.

أرسل إلى صديق
ترك تعليق