رمز الخبر: 40
سلسلة أبحاث ينشرها مركز وثائق الثورة الإسلامية...
كان يظن بني صدر بانه اعتمادا على استخدام الأساليب التقليدية والأمريكية في الجبهات ومن خلال المساومة العملية مع القوى الكبرى بإمكانه تحقيق الانتصار في الحرب وإلقاء الهزيمة بالمعارضة الداخلية من خلال تلك الانتصارات. هذا وان الهجوم السياسي والمعارضة السياسية لبني صدر وكافة التيارات التساومية وفرت الأرضية للكثير من الجماعات الإرهابية والجماعات المعاندة المسلحة للظهور.
2015 October 02 - 14:23 : تأريخ النشر

الموقع الإعلامي لمركز وثائق الثورة الإسلامية؛ عندما تعرضت إيران الإسلامية إلى هجوم النظام العراقي البعثي والتحالف الدولي بقيادة أمريكا، أبدت إيران شعبا وحكومة مقاومة، أصبح نموذجا للكثير من الشعوب، ان المقاربة التي تصدرت مواجهة الهجوم أجندة العمل، تجلت في الاعتماد على القوة الداخلية ومشاركة القوى الشعبية، لكن خلافا لذلك التيار فان القوى التساومية ومنها "نهضت آزادي" وأشخاص تابعين لبني صدر كانوا يحاولون بان يصلوا إلى إجماع عالمي لمواجهة العراق، وكانوا قد عقدوا الأمل على مجلس الأمن، انهم كانوا يتصورون بانه بالإمكان حصد الانتصار في الحرب وإلقاء الهزيمة بالمعارضة الداخلية من خلال استخدام أساليب قديمة وأمريكية في الجبهات.
منذ بداية الحرب المفروضة كان طريقان أمام حكام إيران وشعبها: ان تعتمد الجمهورية الإسلامية الإيرانية على القدرة الداخلية والقوة الشعبية الكبيرة في مواجهة العراق والتحالف الدولي، وتقاوم مقاومة؛ وأما ان تدخل في المساومات الدولية السياسية وان تقاوم بمساعدة القوى الأجنبية في جانب المال والأسلحة إذ ظهر تحالف كبير لمواجهة جمهورية إيران الإسلامية، لمقاومة العراق.
هذا وكان اختيار الطريق الثاني يتطلب القبول بالاحتلال الأجنبي لبعض من أراضي إيران والقبول بشروط لوقف إطلاق النار وتحقيق السلام وبالتالي تسليم جزء من الأراضي الإيرانية إلى العدو. لكن التجربة التاريخية لإيران في العصر الراهن وخاصة بعد الحروب الإيرانية الروسية برهنت على ان هذه الإستراتيجية لا تنتهي إلى بالانفعال والإخفاق.
مع هذا ان بني صدر الذي كان يتولى آنذاك قيادة القوات العامة، وكذلك حركة نهضت آزادي والكثير من الجماعات الأخرى التي تحمل قواسم مشتركة اتخذت الطريق الثاني، ان الطريق الذي باء بالفشل في الشهور والسنوات الأولى واتضح للجميع عدم فاعليته. على هذا ان فشل توجه تلك الفئات غير من سلوكها إذ وبدلا من الدعم الشعبي تحولت في مواجهة العدو إلى عناصر تقف في مواجهة الشعب الإيراني وكانت تحمل خططا تدميرية.
بعبارة اجل ان أداء القوى التساومية بقيادة بني صدر إلى جانب توجيه حركة نهضت آزادي اللوم إلى أداء القوى الثورية في البرلمان، وتأكيدها على مساعدات المنظمات الدولية والدول الأجنبية في الشهور الستة الأولية للحرب من جهة أخرى والتأكيد على المناهج العسكرية الغربية والأمريكية لم يأت بأي انتصار في الشهور الأولى للحرب وأدى إلى ظهور عداء بين القوى الإيرانية.
فبينما كانت القوى التساومية تحاول ان تحقق إجماعا عالميا لمواجهة العراق ولم يكن لديها أي أمل بمجلس الأمن ليردع الهجوم العراقي، كانت رسالة الوزارة الخارجية الأمريكية إلى ممثل المكتب الأوروبي في منظمة الأمم، تعبر عن قصة أخرى، في تلك الرسالة "تأمر الوزارة الخارجية مندوب أوروبا في منظمة الأمم بان يقوم بالعمل لكسب دعم الممثلين الغربيين في منظمة الأمم، حتى تندد بمسودة قرار إيران التي تندد باستخدام العراق الآليات الكيماوية، وتدلي بصوت محايد، وإذا لم يحدث هذا فان أمريكا توقف مسار هذا القرار. هذا وصرح كارتر حول الحرب الإيرانية العراقية: "نأمل بان إيران تنتهج العقلانية في الحرب."
على هذا والى جانب المجموعة أعلاه التي نطلق عليها التساوميين والمجموعة الجاهلة والمخادعة، تكونت الكثير من المجموعات غير الشرعية التي تقوم بالعمل المسلح. انها كانت تعارض أساس الجمهورية الإسلامية ومنها كوموله والديمقراطيين والجماعات التابعة إلى اليسار واتحاد الشيوعيين وفدائي الخلق.
يأتي مقابل نظرية الحرب التقليدية لبني صدر، اتجاه الإمام الخميني رحمه الله والقوى الثورية الإسلامية فانها كانت تقول بالاستفادة من القوى الشعبية في الكثير من الساحات الاجتماعية والسياسية، لكن بني صدر كان يسخر من نظريات الثوار حول الاستفادة من القوى الشعبية ونظرية الدفاع والمقاومة. مع هذا فان تواجد القوى الشعبية التي دخلت بأمر من الإمام الخميني ساحة الحرب، حالت دون تقدم جيش البعث العراقي في إيران. على هذا ان النظام العراقي وبعد مواجهة المقاومة الشعبية وعدم التقدم في الأراضي الإيرانية والفشل في تحقيق مراميه العسكرية، كان يواجه طريقين: الانسحاب أو الاستقرار في الإمكان التي احتلها.
بعد إقالة بني صدر وتسلم الثوار مقاليد الأمر، حدثت حادثتان، الأولى بداية الأنشطة في مجال العمليات وعدم الاكتفاء بالأساليب التقليدية في الحرب، وأصبح التأكيد على معرفة القوة الداخلية والاستفادة من الإمكانية الفعلية للقوى الشعبية بدلا من الاعتماد على المنظمات الدولية والقوى الأجنبية، في أجندة الأعمال.
ان هذا التغيير في الإستراتيجية أدى إلى تقوية الجبهات وبداية تحقيق إيران الانتصار. ان السبيل الوحيد المنقذ لإيران هو المقاومة والردع وبذل المساعي الجبارة للتعويض عن النقص. في الحقيقة يمكن اعتبار المقاومة الشعبية ولدى المسئولين والاهم منها دعم المسئولين بالرغم من الخلافات بالأصلين الجوهريين لانتصار إيران.

مواقف "نهضت آزادي" في الحرب المفروضة


كان شعار حركة نهضت آزادي في الحرب هو العمل في الإطار الوطني-الديني. انها كانت قد اتخذت موقفا واضحا تجاه الدفاع المقدس وقضية الحرب. فان موقفهم كان وطنيا كما يصرحون. أي لا ينظرون إلى الحرب كواجب شرعي والهي ولا دفاعا عن الإسلام، بل ينظرون إليه من منظار الدفاع عن الوطن.
ان هذه الحركة وطوال سنوات الحرب الذي كان العالم كله يدعم صدام، كانت تقوم بتدمير معنويات الناس ورفض الدفاع المقدس والتنديد باستمرار الحرب وتوجيه التهم إلى المسئولين. جاء في بيان المؤتمر السادس لـ نهضت آزادي: اننا قلقون تجاه مستقبل الحرب ونهايته غير الواضحة، ونعرب عن قلقنا تجاه توسيع نطاق الدمار ونشر الخرب وإلحاق الخسائر المادية والمعنوية بالبلدين الذي أصبح سباقا بين الشعب الإيراني والعراقي.
ان الإمام الخميني قدس سره اتخذ في بداية الأمر التسامح أسلوبا في التعامل مع نهضت آزادي، لكن أدى اعتمادهم على التغرب والابتعاد عن الناس واتخاذ المواقف في مواجهة الإمام والمعارضة مع النظام، إلى إعلان الإمام حل هذا الحزب.

"المنافقون في الحرب المفروضة"


ان المنافقين أعلنوا بداية الحرب بأنهم يواجهون الغزاة والمهاجمين ويقاومون في مواجهة البعث دفاعا عن الشعب والدين والوطن، حتى اظهروا بأنهم أرسلوا قواهم للجبهات، بعد مرور عدة أشهر من الحرب غيرت منظمة مجاهدي الخلق اتجاهها وأعلنت رسميا بان الحرب هو حرب امبريالي وتنسحب المنظمة منه، ولا تتدخل في أي حرب. أي ان المنظمة لم تترك مواقفها بداية الحرب إذ كانت تصرح بانها تدافع عن الأراضي الإيرانية، بل انها وقفت عام 62 إلى جانب جيش البعث العراقي بدلا من مساعدة الشعب الإيراني كي تظهر وجهها الإرهابي إلى عامة الشعب. ان هذه المجموعة ومنذ عام 65 دخلت كوحدة خاصة بجيش صدام لمواجهة بلدها والمقاتلين المسلمين وقامت بعمليات عدة منها فروغ جاويدان وآفتاب. كما قامت منظمة مجاهدي الخلق في تلك العمليات باسم جيش التحرير وخانت بلدها وشعبها، هذا ما أدى إلى ممارسة سلوكيات بربرية واستشهاد العديد من المواطنين.
فضلا عن ممارسات المنافقين قبل بدء الهجوم العراقي على إيران استفاد نظام البعث من تحليلهم ومواقفهم ومجلاتهم لخططه. ان المنافقين وبعد الحرب المفروضة العراقية على إيران اتخذوا موقفا مخادعا إذ قاموا بتنديد الهجوم العراقي. لكن بعد مرور أسبوعا على الحرب أعلنوا عن مواقف أخرى حول مشاركة قواهم في جبهات الحرب. لم يمض شهرا على الحرب حتى اعتقلت نيابة مدينة آبادان 41 شخصا من أعضاء هذه المنظمة بتهمة التجسس.
ان أعضاء المنظمة كانوا يدعون بأنهم يريدون المشاركة في الحرب، بينما كانوا يعتبرون الحرب بحرب رجعي وغير عادل، ان أعضاء المجموعة صرحوا بان دافع إيران من وراء الحرب ليس هو الدفاع عن بلد تعرض للهجوم، بل هو تصدير الثورة أما دافع العراق هو تكوين تيار مركزي في المنطقة.
ان المنظمة وبعد الإخفاق في انتخابات البرلمان في اول دورته، اقتربت من الرئيس المخلوع بني صدر، أما بني صدر وبعد ملاحظة الإخفاقات العسكرية الناجمة عن السياسات العدائية في تحرير المناطق المحتلة، حاول ومن خلال التحالف مع المنافقين ان يوسع من نطاق النقاشات الداخلية.

الإرهابيون والجماعات المسلحة المعارضة


بعد الأرضية التي تكونت نتيجة نشاط الجماعات التساومية، ظهرت الجماعات المسلحة التي كانت في فترة من الزمن متحالفة مع تلك الجماعات. على هذا فان الخلافات التي كانت تعصف بين تلك الجماعات في ساحة السياسات الداخلية، أدت إلى ظهور الخلافات في الرأي وبالتالي استياء المقاتلين، ذلك ان القوى المقاتلة كانت تحمل كل منها فكرة سياسية، وكان من الممكن ان تناصر هذا الحزب أو ذاك. ان تلك الخلافات الشديدة بين الجماعات والأحزاب تركت تأثيرها مباشرة على معنويات القوات في الحرب وكان تؤدي أحيانا إلى عدم تحقيق الوحدة.
هذا وان الكثير من الجماعات غير الشرعية التي لم تقم بأي نشاط مسلح في وجه النظام، ونظرا إلى تكوين تلك الظروف، ظهرت على وجه الأرض. ان الجماعات التي كانت تعارض أساس جمهورية إيران الإسلامية والثورة الشعبية، كانت تبحث عن الإطاحة بنظام الجمهورية الإسلامية وانهيار النظام. منها كوموله والديمقراطيين والجماعات المنتمية إلى اليسار واتحاد الشيوعيين والخ، التي انتهجت المواجهة العسكرية سبيلا.
لهذا اندلعت الحرب المفروضة في ظل الأجواء السياسية المتأججة وفي خضم صراع الجماعات السياسية. ووفرت الأرضية لتكوين الجماعات والإرهابيين المعارضين لنظام الجمهورية الإسلامية. في ظل تلك الظروف كانت القوى الشعبية تحارب القوات العراقية من جهة وقوات المنافقين في الداخل من جهة أخرى.

أرسل إلى صديق
ترك تعليق