تاريخ ظهور نظرية ولاية الفقيه على يد الإمام الخميني
موقع مركز وثائق الثورة الإسلامية-خلافاً لما يذهب إليه بعض الباحثين الذين يذهبون إلى أن موضوع ولاية الفقيه قد طُرح لأول مرة على يد الإمام بعام 1348، لكن يجب القول بان الوثائق والمصادر التاريخية إضافة لدراسة مؤلفات الإمام تدل على أن الحديث عن قضايا ولاية الفقيه، يعود إلى بداية النهضة، إذ لو أنعمنا النظر في كتاب كشف الأسرار لأمكنا معرفة القضايا ذات الصلة بولاية الفقيه هناك، يسعى هذا المقال لدراسة تاريخ طرح هذه النظرية على يد الإمام الخميني.
كشف الأسرار
انه أول كتاب قام الإمام الخميني بدراسة ولاية الفقيه المطلقة، تمت كتابة هذا الأثر بعد عامين من سقوط رضا شاه ونفيه إلى جزيرة موريس بعام 1320، ومن سمات هذا الكتاب هي دعوة الإمام للعودة إلى الهوية الإسلامية، التي طواها النسيان لأسباب مختلفة منها استبداد الحكام وغفلة العلماء. في هذه الفترة كانت هناك حاجة إلى ثورة فكرية وسياسية بقيادة العلماء، إذ سار الإمام بتقديمه فكرة الحكومة الإسلامية وشرح وظائف مؤسساتها بزعامة ولاية الفقيه المطلقة، في هذا المجال ورسم ملامح مستقبل العلماء والمسلمين. إذ قال سماحته: لا فرق جوهري بين الثورة الدستورية والاستبداد والديمقراطية، إلا في تزيين الألفاظ وخداع واضعي القوانين... الحكومة الوحيدة التي يراها العقل حقة، ويؤيدها بترحاب هي حكومة الله... أولو الأمر يجب أن يكون ذلك الشخص الذي لا يعارض في كل الأحكام أوامر الله والنبي، ولا يعمل خلافها، وحكومته تكون نفس الحكومة الإلهية للنبي...
الرسائل
يمكن القول بان قسم الاجتهاد والتقليد من كتاب الرسائل، يعد من الآثار غير المعروفة للإمام في مجال التعريف بأفكاره السياسية، وإذا ما تم التركيز عليه فهذا يعود إلى أهميته في جانب الفقه والأصول، إن الأهمية الجوهرية لهذا الكتاب تتجلى في انه والى جانب دراسة بعض آراء الإمام في مجال الفقه السياسي، يقدم نظرية ولاية الفقيه المطلقة بصريح العبارة.
ولاية الفقيه أو الحكومة الإسلامية
يعد كتاب ولاية الفقيه عند الكثير من الباحثين، أشهر كتاب سياسي للإمام في مجال ولاية الفقيه والحكومة الإسلامية، هذا والكثير ينسبون بداية الحديث عن الحكومة الإسلامية ونظرية ولاية بالخطأ إلى هذا الكتاب، إن سمة تقديم نظرية ولاية الفقيه المطلقة في هذا الكتاب هي الصراحة والإيضاح، وهذه السمة أدت بالكثيرين إلى أن يذهبوا إلى أن هذا الكتاب وتاريخ نشره يمثل بداية لطرح الحكومة الإسلامية وولاية الفقيه، بينما كانت نظرية ولاية الفقيه قد درست قبل هذا في كتاب كشف الأسرار.
في الواقع فان سمة كتاب ولاية الفقيه للإمام الخميني وأهميته، تكمن في هذه القضية بأنها ولأول مرة، اخرج شعار تأسيس الحكومة الإسلامية بقيادة ولاية الفقيه المطلقة من إطار القضايا النظرية والمعمولة في تلك الفترة، وبإيضاحها على يد مرجع مناضل، بلورها على ارض الواقع، وقدم نموذج وإطار عملي للأمة والمناضلين، وأرشدهم إليها.
ولاية الفقيه المطلقة في كتاب ولاية الفقيه
إليكم بعض عبارات الإمام الخميني لولاية الفقيه المطلقة الواردة في هذا الكتاب:
إن نفس الولاية التي كان يمتلكها رسول الله والإمام في تأسيس الحكومة وتولي إدارتها، يمتلكها الفقيه.
هذا التوهم بان صلاحيات النبي في مجال الحكم كانت أكثر من صلاحيات الإمام علي عليه السلام، أو صلاحيات الإمام علي عليه السلام في مجال الحكومة أكثر من الفقيه، لهو باطل وخطأ
إن الشخص الذي يريد تولي مثل هذا المنصب المهم ويريد أن يصبح ولي أمر المسلمين ونائب أمير المؤمنين... يجب أن يكون منزهاً ولا يكون طالباً للدنيا...
كتاب البيع
كتب الإمام هذا الكتاب في فترة النفي في النجف الأشرف وبالتزامن مع درس خارج المكاسب، ويعود تاريخ كتابته آخر مجلداتها إلى عام 1396، وتدور جل قضايا هذا الكتاب حول معنى البيع والمعاملات وشرائط صيغة عقد المعاملة، أما المجلد الثاني لكتاب البيع يتضمن موضوع ولاية الفقيه المهم، ونشر بعام 1391 في النجف الأشرف. إذ يمكن القول بان ولاية الفقيه المطلقة والقضايا ذات الصلة تمت دراستها في هذا الكتاب بإسهاب، ووردت نظرية ولاية الفقيه عند الحديث عن صلاحيات الفقهاء، بصريح العبارة.
إليكم بعض ما ورد للإمام في كتاب البيع حول ولاية الفقيه المطلقة:
مضافا إلى أن الواضح من مذهب الشيعة إن كون الإمام حجة الله تعالي، عبارة أخرى من منصبه الإلهي وولايته على الأمة بجميع شؤون الولاية لا كونه مرجعا في الأحكام فقط، وعليه فيستفاد من قوله عليه السلام فأنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله إن المراد إن ما هو لي من قبل الله تعالى لهم من قبلي ومعلوم أن هذا يرجع إلى جعل إلهي له عليه السلام وجعل من قبله للفقهاء فلا بد للإخراج من هذه الكلية من دليل مخرج فيتبع.
يتضح جيدا بان الفقهاء وبسبب تطبيق الحدود الإلهية ومنع التعدي وحفظ الإسلام من الانهيار ومنع تغيير الأحكام الإلهية، يعدون أمناء الأنبياء، فالفقهاء وبسبب تلك السمات هم أمناء الأنبياء وقلاع الإسلام القويمة، وهذا هو التعبير الآخر للولاية المطلقة.
إن ولاية النبي يعني كونه أولى على المؤمنين من أنفسهم، في القضايا التي تدور حول الحكومة وهذا ما ينتقل إلى الفقهاء.
الموضوع المهم في هذا المجال هو أن كل ما يتعلق بقضايا الحكومة وكل صلاحيات ووظائف النبي والأئمة من بعده، تصدق على الفقهاء العادلين. ووفقا لما أوردنا فان كل القضايا ذات الصلة بالحكم والسياسة التي تقررت للنبي والأئمة عليهم السلام، تصدق على الفقيه العادل، ولا يمكن التمييز بين الاثنين عقلاً.