المقاومة في ذكريات حسين شيخ الإسلام
موقع مركز وثائق الثورة الإسلامي. يمكن اعتبار الراحل حسين شيخ الإسلام من الشخصيات البارزة في السياسة الخارجية الإيرانية في المنطقة، هذا الدبلوماسي الراحل الذي عمل لفترات كسفير إيران في سوريا، لعب دوراً في تأسيس و تطور حزب الله و كان شاهداً على إحياء المقاومة.
ان ذكرياته حول حزب الله اللبناني و محور المقاومة ممتعة. فيما يلي ننقل جزءا من الحوار مع حسين شيخ الإسلام الذي نشره مركز وثائق الثورة الإسلامية، ضمن كتاب ت اریخ شفاهی سیاست خارجی جمهوری اسلامی ایران (تاريخ السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية الشفوي).
تأسيس حزب الله اللبناني
يقول حسين شيخ الإسلام حول خلفيات تأسيس حزب الله في لبنان: ان إسرائيل احتلت جنوب لبنان الذي كان يمثل حزاماً امنياً بعام 1978 وفقاً لشروط الأرض، وفيما بعد قامت بتأسيس جيش لبنان الجنوبي كي لا تصل صواريخ كاتيوشا الفلسطينية و حركة أمل إلى داخل فلسطين، ان الحزام الأمني تشكّل بهذا الطريق قبل عام من انتصار الثورة الإسلامية.
ظهرت إسرائيل في تلك الآونة في إطار أهدافها التوسعية أي شعار ، من النيل إلى نهر الفرات في عام 1982 إلى بيروت. عند مفترق طرق خلدة ، مدخل بيروت ، بدأ السيد عباس الموسوي ، قائد حزب الله ، برفقة عدد من مقاتلي حزب الله ، و بالسلاح الخفيف في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. كان هذا النضال هو النواة الأولى لتشكيل حزب الله.
و أطلقت قوات حزب الله فيما بعد أسلوبها الخاص في تنفيذ العمليات الاستشهادية داخل القاعدة الأمريكية ، مما أسفر عن مقتل 212 أمريكيا. كان هناك الكثير من الجدل عندما تم نقل جثث جنود أمريكيين إلى الولايات المتحدة. لقد أدخلت الولايات المتحدة و بريطانيا و فرنسا و إيطاليا قواتها في مدينة بيروت ، و هذا يعني انهم لم يحتلوا بيروت و يدعمونها سياسياً فحسب ، بل يدخلون قواتهم العسكرية هناك. لكن بعد نقل جثث 212 أمريكيا إلى الولايات المتحدة ، أثير جدل كبير بين الشعب الأمريكي حول علاقة لبنان بالتواجد الأمريكي في أراضيها. كانت هذه العملية بمثابة هزيمة مشينة حقا للولايات المتحدة. في النهاية ، اضطر البيت الأبيض إلى سحب جميع قواته من بيروت.
ان حزب الله ليس منفصلاً عنا، ولسنا منفصلين عن حزب الله، إننا نتبنى فكرة واحدة نشكّل جبهة واحدة وبعبارة أخرى ان خطنا الأحمر هو حزب الله، انه مثلنا، أنا أقدّم حزب الله كمواطني. وحزب الله يقدّم نفسه كمواطني. ان الهجوم عليه هو الهجوم علينا و العكس صحيح. هذه قضية مهمة جداً ، بأننا نمتلك حليفاً مهماً بمحاذاة إسرائيل. ان إيمان مقاتلي حزب الله واعتقادهم بولاية الفقيه أكثر منا، و ان ما قام به السيد حسن نصر الله أي عندما قبّل يد سماحة القائد، أثارت الكثير من الجدل.
ذكرى عن السيد عباس الموسوي
يحمل الراحل شيخ الإسلام العديد من الذكريات الممتعة عن السيد عباس الموسوي (أحد مؤسسي حزب الله في لبنان). إذ يقول: السيد عباس كان رجلاً غريباً ، لولا حبه وعاطفته وقوته الروحية لما تأسس حزب الله. كان شجاعاً ومقداماً. ذات يوم ذهبت إلى قرية ميدو برفقة السيد عباس. كان حزب الله يدافع عنه من هناك ضد جيش الكيان الصهيوني. عندما دخلنا هذه القرية ، ارتجفت، لأنه قصفت إسرائيل المنازل واحدة واحدة بالمدفعية. في ذلك الوقت ، كان 20 شابا تتراوح أعمارهم بين 12 و 20 عاما يدافعون عن القرية.
كان سيد عباس قد أحضر لهم الخبز و الطعام و المعلبات ، و في نفس الوقت كانت المدفعية الإسرائيلية تحلق فوق رؤوسنا. عندما عدنا في تلك الليلة ، تمت مداهمة مقر حزب الله على طريق بيروت - دمشق ودُمر المبنى بالكامل. اعتقدت إسرائيل أن السيد عباس موسوي قد جاء إلى المقر. عندما ذهبنا أنا وسيد عباس إلى مدينة صور ومنزله ، كان الخطر مازال يداهمنا.
كان السيد مروي القائم بأعمال سفارتنا في دمشق وكانت زوجة السيد عباس الموسوي بنت عمه. في الطريق عندما كنت اذهب برفقة السيد عباس الموسوي، سالت زوجته: أ لا تخافين ان يتوجه إلى الجبهات ويستشهد، قالت: إنني ادعو الله بأنه لو كان من المقرر ان يستشهد السيد عباس، ان نستشهد معاً وهذا ما حدث بالفعل. عندما أصاب الصاروخ سيارة السيد عباس، استشهد السيد عباس وزوجته وابنه المعاق، لكن ومما أثار الدهشة بان السائق والحارس أنقذا أنفسهما...
الشهيد عماد مغنية
يقول شيخ الإسلام عن الشهيد عماد مغنية: كان عماد جزءاً من حزب الله، في بداية الأمر لم أكن اعرفه، قد لا يمتلك حزب الله بعد السيد حسن شخصاً قوياً مثل عماد. كان إنساناً عجيباً، ولم يتفوه مرة واحدة بأنه عضو مجلس حزب الله، حتى عندما أصرّ سيد حسن وآخرون بأنه يجب ان ينضم إلى مجلس حزب الله، والسبب هو أنهم كانوا بحاجة إلى فكر ومساعدة عماد ذلك انه كان إنساناً عجيباً وكان يتقن الفارسية، وعندما جاء عماد إلى طهران، لم يكن أحد يعرف بأنه ليس إيرانياً وكان يسافر إلى كل مناطق طهران، وكان يزور المراجع والعرفاء في إيران.
التوسط بين حركة أمل وحزب الله
يقول شيخ الإسلام: في تلك الفترة اندلعت صراعات و حروب بين الفلسطينيين وبعد ذلك بين مقاتلي حركة أمل والفلسطينيين أدت أخيراً إلى انتصار حركة أمل بالتعاون مع المقاتلين المخلصين، استمرت عملية حل المشاكل وإنهاء الصراع ثلاثة أشهر. بعد ذلك لم تتحمل حركة أمل انتصار حزب الله فقرروا نزع سلاح حزب الله والسيطرة عليهم. هذه بلا شك أكثر الحوادث مأساوية في حياتي ، لأنني كنت هناك. لقد توسطت في الحروب الفلسطينية-الفلسطينية وحروب أمل والفلسطينيين وحرب أمل وحزب الله. لقد أصبحت بارعاً في هذا الأمر وكنت اذهب إلى المنطقة وكان أكثر الأمور مرارة قمت بها ؛ لأن الحرب كان جاريا بين الشيعة ولم أستطع فعل شيء ...
السيد سيد حسين فضل الله كان دائماً إلى جانب حزب الله خلال في الحرب بين حزب الله-أمل. وكان السيد الشيخ شمس الدين رحمه الله في الغالب إلى جانب أمل، لأنه كان رئيس مجلس النواب الشيعي. كما كان السيد موسى الصدر كوّن المجلس الشيعي الذي كان حركة أمل في ذلك الوقت. طبعاً لم يعطوا الحق لجهة دون سواها، وكل من يرتكب الخطأ كانوا يحاسبونه، لحسن الحظ ، أظهر علماء الدين الشيعة في لبنان أنهم يتحلون بالذكاء ، وتمكنوا من حل القضايا الشيعية الداخلية بعد أن تفاقمت.
كيف أصبح السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله؟
حول هذه القضية يقول شيخ الإسلام: عندما استشهد السيد عباس الموسوي ووصل النبأ إلى طهران أمر سماحة القائد بتوجه وفد إلى لبنان للاطلاع على الأمور، وذهب الوفد برئاسة السيد جنتي وكنت أرافقهم، كنا نفكّر فيما يجب فعله بعد السيد عباس. وفي الرحلة وصلنا إلى نتيجة بان أفضل شخص لهذه المهمة هو السيد حسن. كان السيد جنتي يقوم بكل القضايا الخاصة بلبنان كمندوب لسماحة القائد. ذلك لأننا علمنا معا، ونعرف البعض، وانه كان ثورياً وخاصة في الصراع بين أمل وحزب الله اتخذ موقفاً صارماً، وكنا بحاجة إلى فقيه يقوم بتوجيهنا، ذلك ان الشيعة كانوا يُقتلون...
في تلك المهمة عينه سماحة القائد مندوباً، وعندما وصلنا إلى مطار دمشق ركبنا السيارات وتوجهنا إلى مراسم تشييع الجثمان، وكان الشيخ شمس الدين واقفا في جانب وكان السيد فضل الله في الجانب الآخر.وأجرينا المشاورات هناك...
كان الشيخ صبحي أكبر سناً، ومن جهة أخرى كنا نخاف بأنه يثير مشكلة ما ومع الأسف أثار المشكلة. لكنها انتهت بخير. عقد الاجتماع، واختار المجلس السيد حسن نصر الله. ألقى السيد حسن نصر الله يوم تشييع الجثمان خطاباً قوياً، وكانت المراسم خاصة، وتعلمت من سماحة الإمام هذا الدرس، بأنه عندما يستشهد مسئول ما، يجب تعيين الخليفة، قبل ان يوارى الثرى.