إعادة قراءة هزيمة أمريكا في طبس
موقع وثائق الثورة الإسلامية. وضع الرئيس الأمريكي كارتر خطة لتحرير الرهائن في قضية السيطرة على وكر التجسس، وعمليات حملت عنوان الإنقاذ، إذ باءت في نهاية المطاف بالفشل. هذه الهزيمة وجهت ضربة كبيرة لسمعة أمريكا على المستوى الدولي، وكذلك على المستوى الشعبي في أمريكا.
فيما يلي نتطرق إلى شرح هذه العمليات وكيفية فشلها.
في 11 ابريل عام 1980 وفي اجتماع فطور السياسة الخارجية، أشار الرئيس الأمريكي آنذاك كارتر إلى قضية مهمة وقال: كما تعرفون فانه يمر أسبوع على قضية الرهائن إذ قلت لأركان الجيش وصدرت أمراً بالتخطيط لعمليات إنقاذ حتى نستفيد منها عندما تقتضي الحاجة.
نوه كارتر بان هذه المجوعة مستعدة تماماً للقيام بالعملية، وكان وزير الخارجية سايروس وانس العمليات العسكرية، وكان يقضي فترة عطلة في فلوريدا وكان يحضر نائبه وارن كريستوفر الاجتماع، قبل ان يستمع كارتر إلى حديث مستشاريه الذين كانوا يعيشون بقلق بسبب الإنتخابات القادمة، لكن زوجة كارتر وماندبل وجردن وباول كانوا أقنعوه بضرورة القيام بالعمليات.
ان العلاقات الإيرانية الأمريكية دخلت نفقاً مظلماً نتيجة الرهائن، وعرف الأمريكيون هذه القضية بأنه يجب اتخاذ إستراتيجية جديدة وتغيير السابقة لمواجهة إيران.
وفي نهاية المطاف وبعد خمسة أشهر من المفاوضات وممارسة الضغط الذي انتهى بالفشل، قررت إدارة كارتر بان ترسل وحدات من الكوماندوس لتحرير الرهائن في إيران:
إنهم فريق من العسكر المحترفين الذين تطوعوا للقيام بمهمة خطيرة.
كان يرى الرئيس كارتر بأنه لا يجب تأجيل هذه العمليات.
ان معارضة ونس والأسباب التي قدمتها حول انتهاء العمليات العسكري بالفشل، لم تقنع أي من أعضاء مجلس الأمن. وكان برجنيسكي يشجع على القيام بعمليات عسكرية، بينما كان ونس يطالب بضبط النفس، ويبدو ان كارتر قام بعمل لتقرير مصير تضرر أعضاء حزبه، غير ان المنافسين الداخليين لكارتر كانوا ينتظرون بان تنهي أخطاءه الإنتخابات لصالحهم، وكما أشار برجنيسكي فان عمليات الإنقاذ تم التخطيط لها طيلة أشهر.
انه والضباط في الجيش كانوا يفكرون في قصف جزيرة خارك واحتلالها، حتى يرغمون إيران لإعادة الرهائن ، غير ان عمليات الإنقاذ والدخول في الأراضي الإيرانية، كانت تعد أفضل خيار عسكري، وقد أجرى فريق العمليات عمليات خاصة في هذا المجال.
في باحة البيت الأبيض كان أعضاء الحكومة يبدون سلوكيات عادية، حتى لا يعرف بأنهم يريدون تنفيذ عمليات عسكرية، وتم التنسيق مع العناصر الداخلية في إيران حتى يقوموا بواجبهم وفقاً للخطة، خاصة وهناك فريق كانت مهمته إبقاء الكشافات في ملعب امجدية مضيئة، وكان يرى الخبراء العسكريين بان أصعب عمليات للقوات الأمريكية هي الدخول في الأراضي الإيرانية.
كان يدير العمليات العقيد تشارلي بكويث رجل قوي ويبلغ من العمر 51 عاماً وقد أدار عمليات في كوريا وفيتنام. فطارت الطائرة العمودية في الساعة السابعة والنصف من يوم 24 ابريل 1980 من أسطول نيميتز الواقع في سواحل جنوب شرقي إيران، وكان من المقرر ان ينضموا إلى طائرة مدنية باسم هركولس سي 130.
كانت تسمى العمليات دلتا وجرى التخطيط لها على نحو تكون بشكل مسلسل، وعند إخفاق أي مرحلة تفشل المراحل التالية، وإذا ما نجحت مرحلة ستنجح المراحل الأخرى، وكانت المرحلة الأولى تقتضي بان يتم نقل القوات والمعدات الضرورية التي كانت في المحيط الهندي ثم في المرحلة الثانية يتم إدخال القوات والمعدات في الأراضي الإيرانية وبالقرب من مدينة طبس الصغيرة، وبعد حمل المعدات تغادر الصحراء، وتتجه إلى طهران في الظلام، وبعد الاختفاء تنتظر منتصف الليلة القادمة، حتى تقوم بعمليات الإنقاذ، ثم تنقذ الرهائن وتعود إلى صحراء 2 وتنقلهم إلى الطائرات.
كان شن الهجوم على السفارة هو السيناريو الأفضل عند الأمريكيين، ذلك انه يقلل من حجم الخسائر، لهذا كان عنصر المفاجأة هو أهم جزء منها، فطارت 8 طائرات عمودية من على أسطول نيميتز في بحر عمان نحو إيران، وبعد ساعتين تعطلت أحداها على هذا هبطت الطائرة رقم 6 على الأرض فركب طاقمها طائرة أخرى، لكن البيت الأبيض لم يكن يعرف بأنهم ركبوا طائرة أخرى بسبب عدم وجود إشارات.
بعد توقف الطائرة رقم 6 غطت الرمال الطائرة وأثيرت الأتربة فقلل من إمكانية الرؤية. غير ان الطائرة رقم 5 تعرضت لعطل فني وكذلك رقم 2 وبعد الهبوط في صحراء طبس استحالت عملية مواصلة الطريق فتم تركها هناك.
كان يرى العقيد بكويث بان الأجواء لا تصلح لتطبيق العملية، إذ وصلت الطائرات بتأخير امتد قرابة ساعتين، وكان الفجر قريب. فاتصل مراراً بكارتر واقترح التراجع، ووافق كارتر على طلبه، وأمرهم بالاستعداد للعودة، أثناء تزويد المروحيات بالوقود ، وقع حادث مهم في طبس أدى إلى تعطيل عملية دلتا. يبدو أن مروحة إحدى المروحيات اصطدمت بطائرة هركولس 130-c ، مما تسبب في انفجار هائل. كانت العاصفة الرملية عقبة رئيسية أمام الطيار لعدم تمكنه من الكشف بشكل صحيح عن الطائرة التي تحمل الوقود. تم حرق وقتل ثمانية من مشاة البحرية الأمريكية ، وأصيب خمسة آخرون بجروح خطيرة.
وحلقت المروحيات المتبقية وطائرة 130 سي بسرعة وغادرت المنطقة. وبقيت خمس طائرات هليكوبتر آمنة في المنطقة وفشل المهاجمون في نقلها معهم.
وسط دهشة الحرس الثوري الذين ذهبوا إلى صحراء طبس لمعرفة تفاصيل الحادث واحتمال مواجهة مع العدو ، ظهرت أشباح سلاح الجو الإيراني في السماء وقامت بإطلاق الرصاص الكثيف على طائرات الهليكوبتر. واستشهد في هذا الهجوم محمد منتظر قائم قائد فيلق يزد وجرح ثلاثة آخرون من الحرس الثوري وهم عباس سامعي ومحمد علي درست كار ورضا لاوري. أطلقت أشباح الجيش النار على المنطقة التي تم زرع القنابل فيها بحجة تدميرها. ودمرت إحدى المروحيات التي كان رادارها يعمل. بالإضافة إلى المروحيات ، ترك في المكان جيب عسكري وثلاث دراجات نارية. يقدم جري سيك هذا الاعتراف المرير:
لو أراد المرء تقديم سبب واحد كونه السبب الوحيد لإخفاق المهمة، فهذا السبب لا يكون سوى الرمل، الذي لم يكن بوسعنا التنبؤ به، واخل منذ بداية بشكل كارثي بفترة تنفيذ الهجوم.
في الساعة الواحدة من صباح 25 أبريل ، أصدر البيت الأبيض بياناً ، وظهر كارتر على شاشة التلفزيون لتحمل المسؤولية الشخصية عن فشل العملية. كانت لهذه العملية عواقب سلبية على الدولة الغازية:
انتشر الرهائن في جميع أنحاء إيران لإبعاد الأمريكيين عن متناولهم ، وقتل ثمانية من مشاة البحرية الأمريكية وجرح خمسة. الحلفاء الأمريكيون الذين تعاونوا مع الأمريكيين في معاقبة إيران اقتصادياً فقدوا الثقة في الأمريكيين ما لم يتم القيام بعمل عسكري. لقد تعرضت سمعة أمريكا العسكرية لأضرار مدمرة. الأهم كانت هزيمة كارتر السياسية ، التي حرمته من أي فرصة للفوز في الانتخابات المقبلة ، وأذلت الأمريكيين.