إعادة قراءة بيانات الإمام الخميني قدس سره النضالية حول دعم فلسطين
موقع مركز وثائق الثورة الإسلامية، وفقاً للوثائق التاريخية فان بداية نهضة الإمام الخميني تزامنت مع توجيه النقد للشاه بسبب تقربه من إسرائيل، ففضح الحركات الخفية للنظامين للتقريب بينهما، في الحقيقة ومنذ عام 41 وفي بيان شهير بمناسبة عيد نوروز أشار سماحة الإمام إلى ارتكاب المجازر بحق المسلمين وعلماء الدين على يد الحكومة، والحفاظ على مصالح أمريكا وإسرائيل. وبعد هذا تحدث الإمام في مختلف المناسبات داخل إيران وخارجها مشيراً إلى هذه القضية بشكل جدي.
دراسة أفكار الإمام الخميني حول القضية الفلسطينية تبين بان أول موقف رسمي للإمام تزامن مع بدء النضال السياسي للإمام مع النظام البهلوي حول عدم موافقة النظام مع العقوبات النفطية المفروضة على إسرائيل وعدم قطع علاقاتها الدبلوماسية كما فعلت الدول العربية والإسلامية، إذ قال سماحته في إحدى المقابلات حول هذا الأمر:
من القضايا التي تجعلنا نقف بوجه الشاه، هو مساعدته لإسرائيل، إنني قلت مراراً بان الشاه تعاون مع إسرائيل منذ ان تأسس وعندما بلغت الحرب بينه وبين المسلمين إلى ذروتها، قام الشاه بالسيطرة على نفط المسلمين، ومنحه لإسرائيل وهذا الأمر يعد من أسباب معارضتي مع الشاه.
فضلاً عن هذا انتقد الإمام في بيان له بعام 41 سيطرة الصهاينة على المنشآت والمصادر الإيرانية في إطار البهائية واعتبر تطوير العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل خطراً كبيراً على الإسلام واستقلال البلاد. ودعا الجميع إلى إبداء الاحتجاج على تحالف الشاه مع إسرائيل.
من أكثر المواقف السياسية للإمام حدة تجاه الشاه وإسرائيل هو محاضرته في المسجد الأعظم في قم بعد إطلاق سراحه، إذ حذر الإمام من تطوير العلاقات الاقتصادية والعسكرية مع إسرائيل، واعتبره مضراً بالبلاد، كما وجه اللوم لحكومة إيران وتركيا بسبب الابتعاد عن البلدان الإسلامية.
وهكذا تحدث الإمام عن خطر إسرائيل للمسلمين في إطار إصدار حكم شرعي، وأوصى الوعاظ بان يحذروا من خطر إسرائيل وعملائه واعتبر ان الصمت تجاه هذا الأمر هو مساعدة الظالم وأعداء الإسلام، إذ أصبح النضال مع إسرائيل وأعداء الإسلام والمسلمين على رأس قائمة أولويات النضال عند الإمام.
بعد ارتكاب المجزرة في مدرسة فيضية، هدد الإمام الشاه وأوصاه بأخذ العبرة من أبيه، وذلك في محاضرة تاريخية ألقاها في المدرسة وجعل محاربة إسرائيل محوراً لنضاله وقال:
والله لا يأتي من إسرائيل إلا الضرر قالوا لي بان الأمن اخذ البعض وقالوا لهم لا تتحدثوا عن الشاه ولا عن إسرائيل ولا تقولوا بان الدين معرض للخطر، فلو لن نتحدث عن هذه القضايا ما علينا قوله، فكل ما نعاني منه يأتي من هذه القضايا الثلاثة، وكل مشاكلنا منها، ما العلاقة بين الشاه وإسرائيل، هل الشاه إسرائيلي.
كما خاطب قادة الدول الإسلامية والدول العربية وغير العربية وزعماء الدين والشعب الإيراني والجيش الإيراني في بيان له أصدره بمناسبة مرور أربعين يوماً على مجزرة فيضية، وقال انه يعلن عن استعداده للشهادة على يد عملاء إسرائيل، كما طالب بوحدة المسلمين لمواجهة إسرائيل، في بيان نشره شهر محرم عام 1343 بمناسبة ذكرى 15 خرداد عام 1342.
بعد نفي الإمام وبالتزامن مع حرب ستة أيام أصدر بياناً وذكر البلدان الإسلامية باقتلاع مادة الفساد في قلب العالم الإسلامي، وحرّم بناء العلاقات السياسية والتجارية مع إسرائيل، وطالب بتعاون الدول الإسلامي معاً، كما حرم استعمال السلع الإسرائيلية على المسلمين. كما أرسل رسالة إلى رئيس الوزراء هويدا وانتقده وانتقد حكومته بسبب إبرامها تحالفات مع إسرائيل وتجريح مشاعر المسلمين وتمهيد الأرضية لهيمنة إسرائيل على اقتصاد إيران وحذره من مغبة هذه الأعمال.
وفي عام 1347 ورداً على رسالة جمع من الفدائيين والشباب المناضلين الفلسطينيين أعلن وجوب محاربة إسرائيل، وأجاز الاستفادة من الزكاة لرفع خطر إسرائيل في مساعدة المناضلين، وأكد على هذا الأمر في حوار له مع مندوب الفتح وشدد على أهمية هذه القضية.
من جهة أخرى وفي جزء من خطابه بمناسبة احتفاليات 2500 سنة، تساءل عن سبب وجود خبراء إسرائيليين في الاحتفال، ذلك أنهم يحاربون الإسلام، ومن جهة أخرى قد نقلت ناقلة نفط إيرانية الطاقة للإسرائيليين الذين كانوا يحاربون المسلمين، ثم أشار في جزء من بيانه إلى مؤامرات الصهاينة لتوجيه الضربة للأحكام الإسلامية وتشويه الإسلام وتحريف القرآن الكريم.
طوال الخمسينات حتى تطورات الثورة الإسلامية، اصدر الإمام مختلف البيانات رداً على رسائل الشعب والطلاب والعلماء، وأعلن وجوب الجهاد على المسلمين لتحرير فلسطين ودعم التيارات المناضلة الفلسطينية، وبهذا قد أحيى هذه القضية عند المسلمين، وخاصة في حرب رمضان 1973، اصدر قائد الثورة الإسلامية بيانات للدول والشعوب الإسلامية داعياً الجميع إلى الجهاد الشامل بعيداً عن الخلافات بوجه إسرائيل، وحذرهم من بيع النفط لإسرائيل، وبالتزامن مع هذا البيان اصدر الإمام بياناً حماسياً للشعب الإيراني، وأشار إلى احتفال 2500 سنة وتزامنه مع نضال الشعوب المسلمة والفلسطينية مع إسرائيل وانتقد ممارسات الشاه الداعمة لإسرائيل وبيع النفط الإيراني له، وأمر الشعب الإيراني بالنضال لمنع تحقيق مصالح أمريكا وإسرائيل في إيران. كما أمر علماء الدين والوعاظ بالحديث عن جرائم إسرائيل في المساجد والأوساط الدينية للشعب.
وفي 12 بهمن عام 57 ألقى سماحة الإمام خطاباً في مهر آباد وبهشت زهراء وأشار إلى تبعية الشاه لإسرائيل وعبر عن أسفه لنفوذ أمريكا وإسرائيل في إيران.
وبعد انتصار الثورة الإسلامية أصدر سماحة الإمام بياناً اعتبر السلام بين مصر وإسرائيل خيانة للإسلام والمسلمين والإخوة العرب، كما اشتد دعمه لفلسطين ولبنان في مختلف المناسبات سواء في اللقاء بالشعب والسفراء والمناضلين من فلسطين بعد الثورة الإسلامي، وقد تجلت ذروة مناهضة الصهيونية عند الإمام ودعمه للشعب الفلسطيني في تسمية يوم القدس يوماً عالمياً لمحاربة المستكبرين والظالمين والصهيونية، وفي مبادرة رمزية إطلاق على آخر جمعة من شهر رمضان يوم القدس وجاء في رسالته:
يوم القدس هو يوم عالمي وليس يوم يختص بالقدس، يوم مواجهة المستضعفين مع المستكبرين يوم دعم الشعوب حتى تثور كل الشعوب وترمي هذه الجرثومة المسببة للفساد في سلة المهملات انه يوم علينا ان نبذل مساعينا لإنقاذ القدس، ان يوم القدس هو يوم الإسلام إذ يجب إحياء الإسلام لتطبيق قوانين الإسلام في البلدان الإسلامية، ان يوم القدس ليس يوم فلسطين فقط، انه يوم الإسلام ويوم الحكومة الإسلامية.
بعد بدء الحرب المفروضة دافع الإمام عن فلسطين ولبنان في مواجهة إسرائيل، وأكد على انه بعد القضاء على صدام يسرع إلى تحرير القدس، كما أرسل رسالة بمناسبة الحج وأكد على القضية الفلسطينية وضرورة دعمها في مواجهة إسرائيل، وعدم الاعتراف بالكيان الصهيوني.
وفي يوم القدس العالمي بعام 61 ندد سماحة الإمام بالهجوم الإسرائيلي على لبنان وذلك في بيان له، كما ندد ببعض الدول العربية وخاصة الأردن والسعودية والمغرب الذين لم يعارضوا إسرائيل، ودعا إلى محاربته بالسلاح حتى الموت، ومن مبادرات الإمام طرح القضية الفلسطينية في رسالة الحج والبراءة من المشركين وحتى وفاته كان يؤكد على هذه القضية.
وأخيراً تحدث سماحة الإمام في وصيته عن فلسطين وأبدى مواقفه حول هذه القضية على غرار أول أيام نضاله بوجه حكومة الشاه، واعتبر أمريكا والصهيونية الإرهابيين، وسمى فكرة إسرائيل الكبرى بالتوهم الغبي، وصرح بان الحل الوحيد للقضية الفلسطينية هو تدمير إسرائيل وتحرير فلسطين عبر الجهاد والنضال، ولم يتراجع عن هذه القضية طيلة نضاله قبل الثورة وبعد انتصارها.