رمز الخبر: ۱۴۸

نظرة على أفكار الدكتور علي شريعتي السياسية والثقافية

هناك الكثير من الأقوال حول الدكتور شريعتي تنقسم بين معارض له و مؤيد لأفكاره، إذ حاول البعض اتهامه باعتناق الوهابية، أو حتى اتهامه بالانتماء إلى السافاك. لكن دراسة أفكاره من خلال كتاباته تقدم لنا الصورة الصحيحة لشخصيته، كي يبقى إصدار الحكم حوله بعيداً عن أي شبهات.
Monday 21 June 2021 - 10:38

موقع مركز وثائق الثورة الإسلامية؛ هناك الكثير من الأقوال حول الدكتور شريعتي تنقسم بين معارض له و مؤيد لأفكاره ، إذ حاول البعض اتهامه باعتناق الوهابية ، أو حتى اتهامه بالانتماء إلى السافاك. لكن دراسة أفكار من خلال كتاباته تقدم لنا الصورة الصحيحة لشخصيته ، كي يبقى إصدار الحكم حوله بعيداً عن أي شبهات.

أولاً يجب ان نشير إلى قضية مهمة و هي ان شريعتي ألقى 350 محاضرة علمية و دينية طيلة 6 سنوات اغلبها كانت في حسينية إرشاد، كما تطرق إلى الإمامة والوصاية من خلال 200 محاضرة و إلى تاريخ المعتقدات والطقوس الخاصة بالتشيع و مدرسة الأئمة و أهل البيت، وقد اختص 90 بالمائة من آثاره للقضايا الشيعية.

كان يؤكد شريعتي في جل محاضراته و كتاباته على هدفين: الأول البرهنة على إبطال أيديولوجيا الماركسية التي رسخت في عقليات المثقفين و الشباب من الجيل المعاصر ، إذ كان يراها شريعتي بأنها سبب الضلال و التغريب، و الثاني إصلاح الأفكار الخاطئة ، و المنحرفة حول الإسلام و تقديم الفحوى الأصيل و الثوري للشباب.

من منظار شريعتي فان الشعوب المسلمة و منهم المثقفين الإيرانيين وبغية وضع نهاية لهيمنة الامبريالية و امحاء الاستبداد و اللا عدالة من المجتمع، عليهم أولاً إنقاذ أنفسهم من اسر الأفكار والثقافة الأجنبية و خاصة الأنواع الإلحادية منها ، و العودة إلى ثقافتهم الأصيلة و الدينية، و بغية تحقيق هذه العودة عليهم إصلاح التحريفات في مجال الدين، و تقديم الإسلام الصحيح و الثوري الأصيل للشباب و المتعلمين، ذلك ان شريعتي كان يرى بان الإسلام الأصيل الأول خرج بيد الحكومات المستبدة و أعوانها عن طابعه الأصيل، و تغير شكلاً و مساراً بغية تبرير هيمنة الاستبداد و الحكومات الظالمة و التمييز. إذ يقول: اليوم لا يكفينا القول بأننا نوافق المذهب، لابد ان نحدد أي مذهب هل هو مذهب أبي ذر أو مذهب مروان ذلك ان الأول يبرر العدالة والثاني يبرر الظلم، ذلك هو إسلام الحرية وهذا إسلام السكون.

من هذا المنطلق وهذه الأهداف و اعتماداً منه على معلوماته الوافرة الدينية و الاطلاع على المدارس الغربية المختلفة و المنحرفة و عدم جدوى الأيديولوجيات الإلحادية، وضع أسس أفكاره ونضاله السياسي حتى يرسم إستراتيجية واضحة المعالم لإنشاء نهضة منقذة لإيران ، و لهذا و كما فعل الشهيد مطهري و بغية إثبات نقص الأيديولوجيات الإلحادية التي كانت منتشرة آنذاك، قام من جهة بتقيح الإسلام و خاصة مذهب التشيع من التحريف، الذي ظهر فيه خلال قرون و من جهة أخرى قام بتوجيه الشباب و المثقفين نحو الطريق الصحيح و الايدولوجيا الحيوية و الثورية للشيعة، و قدم تفسير صحيحاً و حديثاً لمذهب التشيع و مفاهيمه و بهذا وضع مصباحاً في طريق المثقفين والشباب المعارضين للظلم.

كانت الخطوة الجوهرية لشريعتي في هذا النضال هو إنشاء رؤية كونية واسعة مؤسسة على صرح التوحيد و في الحقيقة فان أسس أفكار شريعتي حول الإنسان و العالم و التاريخ و المجتمع وردت في نظرياته و في رؤيته الكونية التوحيدية و فلسفة التاريخ.

ومن أهداف شريعتي هي البرهنة على إبطال الأفكار الإلحادية و خاصة الماركسية و إزالتها من عقليات المثقفين، و هذه الأفكار كانت بمثابة بذور تعاني من مرض انتشرت في صفوف المثقفين ، و نمت، و سدت طريق دخول أفكار الإسلام الصحيح.

على هذا تمثلت الخطوة الأولى لشريعتي في إزالة هذه الأفكار المنحرفة و المدمرة من عقليات الشباب و المثقفين في إيران، و تهيئتها لقبول الأفكار الإسلامية و الايدولوجيا التشيع، و في الخطوة التالية، قام بتعريف مدرسة الإسلام و أسس الفكر الشيعي كونه أيديولوجيا ثورية.

و بهدف رفض المدارس المادية في كتاب الإنسان و الإسلام و مدارس الغرب، قام بمقارنة أربعة اتجاهات فكرية مع بعضها البعض و هي: الليبرالية الغربية و الماركسية و الوجودية و المذهب.

ثم و بعد تحديد تاريخها وعيوبها ونواقصها يستنتج بان كل تلك المدارس تنظر إلى الإنسان بنظرة مادية، وترفض أصالته و روحانيته، و في كل الأفكار يشن شريعتي هجومه على الماركسية و الليبرالية الغربية، إذ كانت تعد في تلك الفترة بسبب انتشارها أهم مسار لتحريف أفكار الشباب.

ثم يقوم بدراسة مكانة الإنسان في النظام الفكري للماركسية والرأسمالية، و لما كانتا تتجاهلان مكانة الإنسان و قيمته الحقيقية، فانه يعدهما كارثة بالقول: في النظامين يعد الإنسان حيواناً اقتصادياً، و الخلاف بين الاثنين هو أيهما هو الناجح في توفير احتياجات هذا الحيوان، ثم يؤكد بان الماركسية تعاني من وضع متدهور، إذ تعد المؤسسات الاجتماعية للاقتصاد هي الأساس أما الثقافة و الأخلاق و المذهب هي الفرع، و لما كان الاقتصاد هو نتيجة آلية فعلى هذا يعد الإنسان نتيجة الآلية.

من الواضح بان شريعتي وبإيمانه الواعي بالإسلام و معرفة ما يعاني منه الماركسية من انحرافات ومكامن ضعف و عداءها الراسخ للإسلام، يبذل كل مساعيه لإيضاح هذه العيوب من جهة، و البرهنة على حقيقة الإسلام من جهة أخرى.

كما يتحدث عن إثبات تناقضات ماركس حول حرية الإنسان من عبودية الرأسمالية و اسر الإنسان في استبداد البرولتاريا لاستالين ويقول اليوم إذ يهيمن نظام الشيوعية باسم العدالة على جزء من الشعب الهارب من ظلم الرأسمالية فانه يذكرنا بهذا الشعر لشاعر مسلم حر:

يا ليت جور بني مروان عاد لنا يا ليت عدل بني عباس في النار

إيضاحاً لهذا التناقض يتحدث شريعتي عن ماركس كونه فرداً واحداً ويمثل شخصيتين: شخصية فيلسوف وشخصية عالم اجتماع و سياسي، إذ يتحدث ماركس الفيلسوف عن حرية الإنسان بينما يصنع ماركس عالم الاجتماع و في فلسفته للتاريخ، مقبرة مهولة، إذ يعدها ماركس عالم الاجتماع لدفن إنسان صنعه ماركس الفيلسوف.

هناك جانب آخر من أفكار شريعتي وهي تتعلق بخطأ تنبؤات ماركس حول الثورات الاجتماعية، بمعنى انه برأي ماركس: ان الثورات الاشتراكية يجب ان تحدث في البلدان الصناعية المتطورة الغربية، التي تعيش مرحلة الامبريالية بينما لم تبلغ الثورات في آسيا و أوروبا الشرقية و إفريقيا و أمريكا مرحلة الاقطاعة و يحكمها نظام قبلي وزراعة تقليدية، فانه يطابق الصحوة السياسية وإحياء الروح القومية والمعارضة للامبريالية، غير ان الدول المتطورة الصناعية التي اجتازت مرحلة الرأسمالية لكنها تعيش في مرحلة الامبريالية، و إنها لم تشهد الثورات الشيوعية، على هذا فان مسار الثورات الاجتماعية، كما تنبأ بها ماركس خاطئة من الأساس.

النهاية


شارك هذا الخبر:
اكتب تعليقا