رمز الخبر: 44
سلسلة أبحاث ينشرها مركز وثائق الثورة الإسلامية...
نجحت كل من أمريكا وبريطانيا في 28 شهريور عام 1333 في فرض معاهدة كونسورتيوم على إيران وإخراج النفط من أيادي الشعب الإيراني، إذ تم تأميمه في ظاهر الأمر. بعد التوقيع على تلك المعاهدة أصبحت إيران تابعة لأمريكا أكثر من ذي قبل إذا كانت بعد الانقلاب العسكري بأيدي أمريكا بحيث كان الشاه يعتبر في السنوات التي سبقت بهمن 57 عميلا بيد أمريكا، فضلا عن هذا فان معاهدة كونسورتيوم كانت آلية حل بموجبها الاستعمار الأمريكي وبعد إزاحته الحليف الدائم له، محل بريطانيا وتم تهميش بريطانيا من ساحة التنافس الاستعماري في إيران.
2015 October 06 - 08:31 : تأريخ النشر

الموقع الإعلامي لمركز وثائق الثورة الإسلامية؛ على وجه التحديد قبل عام وشهر من حدوث الانقلاب العسكري في 28 مرداد نجحت كل من أمريكا وبريطانيا في 28 شهريور عام 1333 في فرض معاهدة كونسورتيوم على إيران وإخراج النفط من أيادي الشعب الإيراني، إذ تم تأميمه في ظاهر الأمر. بعد التوقيع على تلك المعاهدة أصبحت إيران تابعة لأمريكا أكثر من ذي قبل إذا كانت بعد الانقلاب العسكري بأيدي أمريكا بحيث كان الشاه يعتبر في السنوات التي سبقت بهمن 57 عميلا بيد أمريكا، فضلا عن هذا فان معاهدة كونسورتيوم كانت آلية حل بموجبها الاستعمار الأمريكي وبعد إزاحته الحليف الدائم له، محل بريطانيا وتم تهميش بريطانيا من ساحة التنافس الاستعماري في إيران.

بريطانيا ونفط إيران

مع ان اول امتياز نفطي إيراني يعود إلى ما قبل الثورة الدستورية، إلا ان مصير نظام الثورة الدستورية المتوتر، أدى بنفط إيران باعتباره امتياز، وبعد تأسيس البرلمان ينتقل بين أيادي المستعمرين، كان البريطانيون اول مجموعة نجحت في الهيمنة على نفط إيران. غير ان أكثر المعاهدات عشوائية في مجال النفط تلك التي أبرمت عام 1312 على يد رضا شاه مع الشركة البريطانية المعروفة بشركة إيران وبريطانيا. كان العقد يستمر 60 عاما وعلى هذا أصبح نفط إيران بيد الاستعمار العجوز.

بعد انتهاء الحربين العالميين، أصبح تأثير النفط واضحا في المعادلات العالمية على الجميع. وعل هذا وبما ان الأجواء الداخلية كانت معارضة لبريطانيا بعد سقوط رضا خان، فحاول الاستعمار العجوز وبعمل استباقي ان يضيف ملحقا على معاهدة 1933 ويحتفظ بنفط إيران على هذا أرسل نويل جس إلى إيران كي يدخل في مفاوضات مع كلشائيان وهو وزير المالية الإيراني. بغض الطرف عن بنود معاهدة جس كلشائيان، لم يتم المصادقة على العقد بسبب انتهاء فترة الدور الخامسة عشر للبرلمان.

عندما بدأ البرلمان السادس عشر عمله، كان يبدو بان قضية النفط تشكل أهم قضاياه. على هذا بدأت الصراعات لنزع هيمنة شركة نفط إيران وبريطانيا، ومن خلال ائتلاف القوى الوطنية والدينية، تم تأميم نفط إيران في نهاية عام 1329. منذ ذلك الوقت حاولت بريطانيا بان تحرف النهضة من مسارها الحقيقي من خلال وضع العراقيل. وحققت نجاحا في هذا الأمر، ذلك انها استطاعت من خلال فصل القوى الوطنية من القوات الدينية وبمساعدة أمريكا ان توفر الأرضية للانقلاب العسكري في 28 مرداد.

هنا يجب الإشارة إلى ان عدم تأييد أمريكا لبريطانيا في انقلاب 28 مرداد العسكري لم يأت لعدم دعم بريطانيا بل ان أمريكا كانت تخاف من ظهور نموذج إيران في الدول النفطية الأخرى، وكانت تبحث عن نهب النفط من خلال الآليات العسكرية أي الانقلاب العسكري أولا وثم السياسية من خلال الكونسورتيوم، على هذا يمكن القول بان أهم عنصر في تأييد أمريكا للإطاحة بمصدق على يد بريطانيا هو القضايا النفطية.

مع ان ما حدث في مرداد 1332 كان نتيجة الكثير من الأسباب لكن السبب الرئيس للانقلاب العسكري كان أخطاء قادة الجبهة الوطنية أولا وثانيا تحالف أمريكا وبريطانيا للإطاحة بمصدق. لكن أهم من هذا وذاك هو ان انقلاب 28 مرداد أدى إلى عودة الشاه إلى البلاد، وهذا الأمر جاء نتيجة للانقلاب العسكري. ان ما بقي كتراث للانقلاب العسكري، وفضلا عن جعل إيران تحت هيمنة قوة عالمية، هو تغيير النظام السياسي والفكري للإيرانيين. لكن أكثر نتائج الانقلاب العسكري وضوحا هو نهب نفط إيران من خلال التحالف بين أمريكا وبريطانيا.

الكونسورسيوم وهيمنة أمريكا على إيران

مع ان الشاه كان يظن بانه من خلال التوقيع على معاهدة الكونسورتيوم يقوم بحلحلة النقاش الدائر على النفط، إلا ان الأمر كان مختلفا. ان عقد معاهدة الكونسورتيوم في الواقع كان يخرج النفط من هيمنة إيران، إذ كان في الظاهر قد أصبح وطنيا، ويجعله بأيدي الشركات الغربية وعلى رأسها أمريكا. بعبارة أخرى ان الكونسورتيوم لم يأت إلا بالهيمنة الاستعمارية على مصادر إيران. في هذا الكونسورتيوم كانت 40 بالمائة من أسهم الشركة تعود إلى شركة نفط إيران وبريطانيا وتحت عنوان بريتيش بتروليوم، و14 بالمائة إلى رويال داتش شل و6 بالمائة إلى الشركة الفرنسية و40 بالمائة إلى الشركات الأمريكية ومنها غولف وتكساس وستاندارد اويل نيو جرسي وموبيل.

على هذا ان الكونسورتيوم كان اول شراكة يشارك فيها الأخوات السبع في الصناعة النفطية وان تلك المعاهدة انتهكت حقوق إيران من خلال بنود غامضة. ان الكونسورتيوم لم يضع نسبة من النفط المصدر للبيع المباشر بحوزة إيران. ان أكثر القضايا كارثية هو إرغام إيران دفع الغرامة إلى بريتيش بتروليوم. في الواقع ان الكونسورتيوم كان بمثابة نوع من الحصول على امتيازات تفرض على الشعب الإيراني في أجواء يسودها الاستبداد وتتجاهل حقوق إيران وتجعل إيران تابعة للغرب في الجوانب الاقتصادية والسياسية والعسكرية أكثر من ذي قبل.

تكونت معاهدة الكونسورتيوم من 51 مادة وملحقين. انه كان مليئا بالمصطلحات الغامضة. كان العقد يعترف بملكية إيران على أموال النفط في ظاهر الأمر لكنها كانت ملكية عديمة المغزى. ولم يحق لها امتلاك أموالها. ان الحق الحصري للاستفادة من كل المنشئات في كل فترة العقد أصبح بحوزة الكونسورتيوم. كان يعتبر النفط من أموال إيران تحت الأرض، لكن عندما يتم استخراجه يصبح ملكا لـلكونسورتيوم.

مع ان هذه المعاهدة الجائرة أدت إلى ظهور غضب في البلاد غير ان الاستبداد الذي هيمن على البلاد بعد انقلاب 28 مرداد لم يسمح للمعارضة بان تظهر على الساحة وقع هيربرت هور العقد مندوبا للكونسورتيوم على العقد واختير رئيس مجلس إدارة شل مديرا عاما له. بعد فترة أي بعد افتتاح البرلمان السابع عشر بعد الانقلاب العسكري، تمت المصادقة على المعاهدة في جلسة غير علنية، وعلى هذا أزيل الطابع الوطني من صناعة النفط الإيرانية. وخرج النفط ثانية من هيمنة إيران.

فضلا عن هذا ان الغموض في معاهدة الكونسورتيوم كان ناجما عن جهل النظام والبرلمان، فرجحت الكفة لصالح الكونسورتيوم. ان هذا العقد يذكرنا بمعاهدة 1933 إذ كانت تسمح لأعضاء الكونسورتيوم بان يتخذوا قرارات دون معرفة إيران في مجال تغيير أسعار النفط ونسبة الإنتاج. استمر وقت طويل حتى عرف الشاه ما حل بإيران نتيجة المعاهدة وعرف بان المعاهدة تتخذ القرارات دون الاهتمام بحاجات إيران.

ان البريطانيين أنفسهم اعترفوا بان المعاهدة كانت آلية للهيمنة على نفط إيران في السر. وكما قال دنيس رايت: وفقا لصيغة الكونسورتيوم ان إيران كانت لها هيمنة على النفط في ظاهر الأمر بينما كان الكونسورتيوم هو المهيمن على الأمور في الواقع. غير ان ما يكتسي أهمية في إيران هو دخول أمريكا في الساحة السياسية، إذ أزاحت بريطانيا عن الساحة شيئا فشيئا. وفي السنوات التالية هيمن محمد رضا شاه على الساحة تماما، وفضلا عن هذا ان الكونسورتيوم مهد الأرضية لفرض معاهدات أكثر جائرة مثل الحصانة السياسية.

انها كانت حقيقة مريرة إذ هيمن الكونسورتيوم منذ عام 1933 على نفط إيران، لكنها تغيرت بعد انتصار الثورة الإسلامية. بعد سقوط النظام البهلوي الذي كان وراء عقد الاتفاقية، اتضح بان الكونسورتيوم كان يهيمن على 90 بالمائة من نفط إيران منذ عام 1933 وقد اخرج الكثير من الثروات من إيران، على هذا يمكن القول بان ظهور الثورة الإسلامية هو الذي أكمل عملية تأميم نفط إيران.

أرسل إلى صديق
ترك تعليق