رواية شاهد عيان عن الحج الدموي / تفاصيل لمذبحة الحجاج عام 1366
موقع مركز وثائق الثورة الإسلامية؛ في 30 مرداد 1366 ارتكبت الحكومة السعودية مجزرة في مراسم البراءة من المشركين في مكة، واستشهد بعض الحجاج الإيرانيين. و بعد فترة أي في 19 شهريور 1366، بمناسبة ذكرى أربعين شهداء جمعة مكة الدامية، نشرت صحيفة "جمهوري إسلامي" رواية أحد شهود العيان. يقول الراوي: في الساعة الثانية بعد ظهر اليوم السادس من ذي الحجة، ذهبت إلى ساحة المعابدة. تحركات متكررة للمركبات المليئة بالكوماندوس المسلحين، إلى جانب صفارات الإنذار المستمرة والمزعجة لسيارات الشرطة، في شارع المسجد الحرام بهيئتها الغربية والأمريكية، يذكرني بفيلق أبرهة، وجيشه الذين أرادوا تدمير عبارة لا إله إلا الله، وكنت أتساءل هل يريدون مهاجمة إسرائيل، ولهذا أصبحوا مدججين بالأسلحة، ويعرضون قواتهم لنا؟
يمكنك أن ترى العديد من الموحدين يسيرون في مجموعات حاملين لافتات عليها شعارات الموت لأمريكا الموت لإسرائيل وصور الإمام وهم يهتفون الله أكبر ولا إله إلا الله من جميع الجهات، نحو ساحة المعابدة، نقطة انطلاق المظاهرات.
قام عدد من الحجاج، الذين يرتدون شارة حمراء، بإضفاء ترتيب خاص على المراسم من خلال رسم خط متواصل من ساحة المعابدة إلى جسر الحجون على جانبي الشارع. بعض الناس بالشارة الخضراء التي تحمل كلمة "سقاية الحاج" ، ينعشون حناجر الحجاج الجافة بالماء البارد بعد إطلاقهم صرخة البراءة من المشركين، ويسقي الحجاج الظمآن الإيرانيين أو غير الإيرانيين ويتذكرون سيدهم الحسين عليه السلام.
إن العمل لكسب رضاء الله بإعلان البراءة من المشركين يذيب حرارة الهواء، وان مجد وعظمة الموحدين، أكثر وضوحا من على الجسر والأكثر روعة، و ان الأماكن الحكومية والمباني على طول الطريق مليئة بالمدنيين السعوديين وأحيانا بجانبهم كنت أشاهد كاميرات الفيديو.
مجزرة الحجاج في مكة عام 1366 برواية أحد شهود العيان عن الحادثة
على طول الطريق كلما كان الناس يصلون إلى المسجد يزداد الطريق اكتظاظا، وان الكوماندوس السعودي قد أغلق تقاطع شارع مسجد الحرام بعد استقرار السيارات في وسط الشارع وبناء جدار من الجنود.
في هذه اللحظة أقف بجانب الشرطة وأنتظر الشرطة لفتح الطريق أمام هذا الحشد الضخم الذي اضطر إلى التفرق حتى بعد انتهاء الاحتجاجات، ولكن على عكس التوقعات، بمجرد اقتراب صفوف الناس إلى الاحتجاجات، الذي يتألف إخوتنا في قسم المراقبين، قام رجال الشرطة بعلامة الضابط السعودي فجأة برفع هراواتهم الخشبية وأنزلوها على الناس.
لم يتوقع أحد مثل هذا المشهد، في البداية كنت أتصور بأنه ستندلع مواجهة قصيرة الأمد، كما حدثت في السنوات السابقة، لكن هجوم مجموعة أخرى من الشرطة المتمركزة بالقرب من التقاطع الذي دعا إليه نفس الضابط اللاسلكي قد زاد الوضع سوءا. بما أنه لم يكن أحد مستعد لمواجهة الشرطة، وعلى الرغم من ضغوط الناس الهائلة الذين لم يكن يعرفون شيئاً عن هجوم الشرطة، يحاول الناس العودة في الاتجاه المعاكس للمظاهرات. صرخات الله أكبر تتردّد صداها في أجواء حرم الله تعالى، ووسط صرخات مفادها: لا تدخلوا في صراع عودوا حافظوا على هدوئكم اهتموا بالأخوات لا تتراجعوا أيها الإخوة ابقوا صامدين.
بسبب عدم استعداد الناس وعدم توقع ظهور مثل هذا الأمر، لم يكن أحد يمتلك القدرة على اتخاذ القرارات، وأحيانا تختلف آراء من يصرخون .... فقط في هذه اللحظة تبدأ مأساة مؤلمة.
بدأ العملاء السعوديون، الذين تم إعدادهم من قبل في موقف السيارات المكون من عدة طوابق في إلقاء الحجارة الكبيرة والخشب والحديد ومكيفات الهواء وأي معدات ثقيلة أخرى على الحشد العزل. لقد أصبح واضحا لي الآن أن هدفهم ليس تفريق الناس عن طريق الرعب، بل هدفهم هو قتل الناس بأبشع الطرق. لأن كل حجر يُلقى من الطابق السادس السفلي، بسبب الحشد الذي لا يوصف، يُصاب ثلاثة أو أربعة أشخاص على الأقل بجروح خطيرة أو حتى يؤدي إلى استشهاد الناس.
مجزرة الحجاج في مكة عام 1366 برواية أحد شهود العيان عن الحادثة
هراوات الشرطة، بلا استثناء، تسبب نزيف على كل من يتلقاها، وتغرق الناس بالدماء.
لم يمض وقت طويل بعد الهجوم الوحشي للشرطة السعودية حتى سمعت صوت إطلاق نار وشاهدت أشخاص أصيبوا برصاص في الرأس في دمائهم الطاهرة وأزالت فكرة أنهم أطلقوا الرصاص لتفريق الناس.
في هذه الأثناء، رأيت فجأة مداهمة وحشية للشرطة على الجانب الأيسر من الشارع تدفع الإخوة إلى الخلف، لكن على الرغم من الضربات الشديدة للشرطة السعودية المتوحشة على الجانب الأيمن من الشارع، فإن هذا الحشد الكبير لم يكن قادراً على التحرك، إنما كان الشارع يصبح مزدحمًا أكثر فأكثر. الضغط والازدحام كبير لدرجة أنه يصعب التنفس، كما كان حولي كبار السن ، وقد تغير لون وجههم بسبب الضغط المفرط وصعوبة التنفس، وقد فقدوا القدرة على الكلام. أنا مندهش للغاية وعندما أرى أن مقدمة الحشد خالية ولكن لا أحد يتحرك، كنت اعتقد أنهم وضعوا حاجزا في وسط الشارع وأمام الناس.
أخرج نفسي من الناس بصعوبة كبيرة لإزالة العقبة التي كنا نتصور بأنه قد وضعت في الطريق، بمساعدة عدد قليل من الإخوة الآخرين، وبهذا نقوم بإنقاذ العديد من الأشخاص من أيدي الشرطة السعودية المتوحشة، التي تضرب الناس بالهراوات وكذلك إنقاذهم من وابل من الزجاجات المكسورة والحجارة التي كان يرشقها عملاء السعودية من أعلى المباني. لكن عندما أقف أمام هذا الحشد الواقف، أرى مشهدا مفجعا للغاية أعجز عن التعبير عن مدى عمق المأساة.
أرى عددا كبيرا من الأخوات، وخاصة النساء المسنات، مرميات فوق بعضهم البعض، وقد شكلن حاجزاً أمام الناس، وان من كان في الأسفل كان يموت، ومن كان في الأعلى كان يتلفظ أنفاسه الأخيرة، ويطلب المساعدة من خلال رفع يديه أو الصراخ.
بمساعدة الإخوة الآخرين، حاولنا على الفور إخراجهم واحدا تلو الآخر، ولكن باستثناء حالات قليلة، كانت جهودنا بلا جدوى. على الجانب الأيمن من الشارع، سقط بعض المضحين في الحرب عن عجلاتهم في اللحظة الأولى، وسقطت هراوات الشرطة الوحشية على رؤوسهم. حاول بعض الناس بجدية إعادة الجرحى على أيديهم أو على اللافتات الموجودة في أيدي الناس. صوت الرصاص لا يتوقف للحظة، أحاول أن أعيد كبار السن والمضحين، وأرى امرأة عجوز يسيل الدم من رأسها ونصف وجهها مغطى بالدماء. أذهب إليها لمساعدتها، لكن قبل أن أفعل أي شيء من أجلها، قالت لي جملة هي في الحقيقة تبلور إيمان وشجاعة المسلمات الصنديدات. فبينما كانت متعبة تقول بحزم لن أعود، شبابنا يستشهدون، أين أذهب!
مجزرة الحجاج في مكة عام 1366 برواية أحد شهود العيان عن الحادثة
الشرطة تطرد أشخاصا من تحت جسر الحجون إلى أعلى الجسر، وفجأة أمام عدة بنايات جديدة إلى جانب مقبرة أبي طالب، حيث ينتشر الفلسطينيون والأردنيون هناك، يعود الازدحام. تهاجم الشرطة الناس من الجانب الآخر. هذا يعني أيضا أن ساحة المعابدة تمت مهاجمة الناس ودفعهم للأسفل. و الباقون محاصرون من الجانبين، ولا مخرج، أبواب جميع المباني مغلقة، لكن جميع السكان يشاهدون جرائم الشرطة السعودية من خلال نوافذ الطوابق العليا.
كان الهواء مظلما تماما وقد سقطت العديد من الجثث على الأرض. الآن بعد أن أصبح الناس تحت حصار شديد من الجانبين، تحث الشرطة السعودية الناس على الجلوس، والناس يجلسون تظن الشرطة بان الناس يجلسون وينتظرون نهاية لفظائعهم المروعة. عندما جلس الجميع، ألقوا فجأة الغاز المسيل للدموع بين الناس بلا رحمة . في الأماكن التي تكثر فيها الناس، دون استثناء، استشهد قلة من الناس نتيجة الغاز أو على الأقل قد أصيبوا بالخناق، في ظل هذه الظروف الصعبة، تفتح أبواب الأبنية التي يسكنها الأردنيون والفلسطينيون فجأة على الناس. يدخل العديد من الأخوات والمصابين داخل المباني، لكن عندما تكتشف الشرطة وجود إيرانيين داخل المباني، تقطع التيار الكهربائي، بحيث يتسبب ارتفاع درجات الحرارة والظلام في مشاكل كثيرة.
تستمر الشرطة في ممارساتها البربرية فيستشهد بعضهم ويجرح آخرون، وخلف الشرطة يقوم العديد من رجال الأمن والبلطجية بمهاجمة الناس بالخشب والحجارة بملابس مدنية.
وتواصلت الاشتباكات والضرب حتى قبل لحظات من صلاة العشاء، حيث انتهى الغزو المغولي والأفعال الأمريكية بإصابات واعتقالات، مع التهنئة ببعضهم البعض وحتى المصافحة والعناق، والشارع مليء بالدماء. غرقت الخيام في دماء وأجساد الشهداء الطاهرة وحتى الجرحى، فيما لا يزال البلطجية وضباط الشرطة يضربون الإيرانيين الذين نجوا من المجزرة هنا وهناك.
مشهد حزين ومؤلم، جثث طاهرة ونقية لأحبائهم استشهدوا على يد من يدعون بأنهم سدنة الكعبة، أناس أرادوا تأدية واجبهم الديني المتمثل في البراءة من المشركين. لكن هدوئهم وصمتهم يبقى إلى الأبد صرخة مدمرة في آذان كل مسلم واعي.
الدم المتطاير على الأبواب والجدران وعلى الأرض يدل على عمق جريمة آل سعود. تحت المظلة السوداء من الليل، أفكر: يا إلهي، هل هذه ساحة معركة أم منطقة محددة من الحرم الآمن بحوار بيت الله الحرام، هل هذا شارع في مكة؟ أم مسلخ منى؟
هذا العام لم يكن كافيا للحجاج أن يذبحوا شاة في سبيل الله، لأنهم أحضروا أنفسهم إلى مسلخ الحب وضحوا بأنفسهم لله.
هذا العام، تم غسل الكعبة بالدم بدلا من العطر والورد. على أمل أن ينتقم الله لدماء ضيوفه.