مجلس الشَّوراء الإسلاميّ في تفکير الإمام الخميني السیاسی
موقع مركز وثائق الثورة الإسلامية؛ يسعی هذا البحث لدراسة مکانة مجلس الشوراء الإسلاميّ عند الإمام الخميني؛ ليعرض صورة واضحة من تلک المکانة في تفکيره.فتمّ بناءاً علی هذا دراسة وتصنيف لتفکير الإمام الخمينی السياسيّ علی أساس نظرية الأزمة لـ توماس اسبريغنـز في کتابه " فهم النظريّات السياسيّة"؛ توصُّلاً إلی طريقة تحليلية مُمنهجة. بناءاً علی هذه النظرية يجب علی الباحث في محاولته لفهم نظرية ما أن يدرس جميع مراحل إنشاء، واستمرار، وأهداف، وإنجازات تلک النظرية دراسة تخضع للمنطق الداخلي أو للمنطق المتصوَّر. فالمنطق الداخلي يساعد علی أن يقف العلماء علی فقدان الانتظام في المجتمع فيسعون إثرَ ذلک للبحث عن أسباب وقوع الأزمة. فعندما عرف الباحث علّة الأزمة يسعی لعلاجها.
وينتقل المؤلف فيما بعد إلی تبيين مفهومَين هما " أزمة المفاهيم "، و" المجتمع المتأزِّم " في إيران حيث يُثبت بأنّ نظريّة الإمام الخميني المتمثّلة في " الحکومة الإسلاميّة" هي الحلّ الأمثل لـ" أزمة المفاهيم" في مجتمع إيران الشيعي. فيعتقد الإمام الخميني بأنّ الدين أفضل سبيل للسعادة والتقدُّم الماديّ والمعنويّ للمسلمين في مختلف العصور، وأنّه يستوعب حلّ جميع مسائل الإنسان، فنظراً إلی ذلک، يتسبب وجود أيّ تضييق ومحدوديّة يُحدثها الدين، إثرَ سلطة القيم التي أوجدتها النظريّات والتفکيرات السائدة في هذا العصر.
علی أنّ الإمام الخميني في بداية الأمر کان يسعی لتعديل النظام الحاکم السابق، ولکنّه بعد أن أيقن بعدم إمکانيّة تعديله، طالبَ برفضه؛ حيث تمکَّن بعد نضال طويل من إنشاء نظام جديد تمثّل في الجمهورية الإسلاميّة.
تمّ هذا البحث في ثلاثة أبواب؛ أمّا الباب الأول فاختص بدراسة تفکير الإمام الخميني السياسيّ. يهدف هذا الباب والذي يُعتبر تمهيداً للموضوعات التاليّة، إلی عرض المنطق الداخلي لتفکير الإمام الخميني السياسي. تطرّق هذا الباب أوّلاً إلی تبيين حياة الإمام الخميني من فترة نفيه إلی فترة بعد النفي، وفترة انتصار الثورة الإسلاميّة في إيران في ثلاث مراحل من مرحلة الرفض، والإثبات، والتنفيذ. ومن ثَمّ تطرَّقنا إلی تبيين خصائص الإمام الشخصية والفعليّة ممّا وقفنا علی أنّ أصوله الفکريّة تنمّ عن العرفان الإسلاميّ. تطرّق المؤلف في الفصل الأول من هذا الباب إلی طريقة معرفة تفکيره السياسيّ ومن ثمّ انتقل إلی دراسة ما يحتويه هذا التفکير في ثلاثة محاور من رفض، وإثبات، وتنفيذ.
أمّا الباب الثاني الذي تمّ في فصلَين، فقد اختص بدراسة موضوع " البرلمانيّة" في الإسلام والغرب. حيث تطرّق الفصل الأول منه إلی دراسة مفهوم، وتاريخ "البرلمانيّة" وأصولها الفکريّة في الدول الغربيّة. وأمّا الفصل الثاني فتطرّق إلی دراسة "البرلمانيّة" في تفکير علماء الدين الشيعيّين. وهذه موازنة يکشف الباب التالي عن أهميّتها.
وأمّا الباب الثالث والذي تمّ في أربعة فصول، فاختص بدراسة "البرلمانيّة" عند الإمام الخميني. وقد تطرّق المؤلف في الفصل الأول منه ، إلی دراسة أزمة البرلمانيّة الإيرانيّة وتفکيرها في عهد القاجاريّين والبهلويّين بناءاً علی نظرية ومنهج اسبريغنـز، وذلک من وجهة نظر سلبيّة للإمام الخميني تجاه هذه البرلمانيّة. واتّجَه بعد ذلک إلی دراسة مکانة الشَّعب في تفکير الإمام الخميني السياسي، حيث لزم ذلک لعرض النظريّة والنظام البديل. وقد خصَّص المؤلف لهذا الموضوع فصلاً کاملاً نظراً إلی أهميّته و سعة مباحثه. فبدأ في الفصل الثاني بدراسة شرعيّة الموضوع وجذورها ومن ثمّ انتقل إلی الترکيز علی نظرية الشرعية الدينية – الشعبيّة للحکومة لدراسة مختلف موضوعات البرلمانيّة ومجلس الشوری الإسلاميّ من وجهة نظر الإمام الخميني، وذلک بعد عرض ملخص من النـزاعات الفکريّة حول هذا الموضوع والتي انتشرت عبر وسائل الإعلام في عام 1384ش (الموافق لـ 2006م) وطرح إشکاليّة هذه النـزاعات.
أمّا الفصل الثالث من هذا الباب، فاقتصر علی إثبات نظريّة الشرعيّة الدينيّة علی أساس التعاليم والأحکام، وإثبات الشرعيّة الشعبيّة علی أساس المصداقيّات، وذلک بالدراسة النظريّة لتفکير الإمام الخميني من أربعة جوانب هي الجانب الإثباتي والتقريريّ، والجانب التحديديّ والتقييديّ، والجانب التربويّ، والجانب الإداري. و عرض مسألة اقتران الحقّ بالواجب والوظيفة في رأي وتفکير الإمام الخميني.
أمّا الفصل الرّابع من هذا الباب، فيتطرق إلی الشّروط اللازمة للمجلس والبرلمان المفضّل من وجهة نظر الإمام الخميني وذلک علی أساس ما جاء في الفصول السابقة من جوانب ثلاثة هي الرفض، والإثبات، والتنفيذ.أمّا في البحث عن المجلس و البرلمان المفضَّل عند الإمام الخميني فتمّ دراسة ورفضه للمجلس غير الإسلاميّ وغير الشعبيّ في إيران طيلة المائة عام السابقة؛ حيث يُثبت هذا قضيّة الانتخابات( الجانب الرفضي)، ومن ثمّ تطرّق إلی عرض أهمّ الشروط لنوّاب هم أحقّ بالنيابة في المجلس وذلک بعد التوکيد علی مسألة رفض المحاکاة السياسية وضرورة إکتساب الشعب الوعي السياسي( جانب الإثبات). أمّا الجانب التنفيذي فتعلّق بدراسة کيفيّة تنفيذ وتطبيق هذا التفکير ومِن ثَمّ تحقيق المجلس المفضّل، وذلک بعد دراسة لإشکاليّات البرلمانات والمجالس السابقة قبل الثورة الإسلامية في إيران.